اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 803
شخصٌ أن يـبقى يسبّحُ اللهَ طالما
كان في المسجد شمعةٌ مضيئة ـ وهي الموضوع الكلّي ـ ، فإنه إذا شَكّ هذا الشخصُ في
انطفاء كلّ الشمع فقد قيل إنّ عليه أن يَستصحب بقاءَ اشتعالِ بعضها لِيُرَتّب على
ذلك وجوبَ التسبـيح . ومثالُه في الشكّ في الرافع : ما لو نذر أن يَـبقَى يسبّحُ
اللهَ طالما كان في المسجد إنسان ، ثم علم أنه قد دخله شخصٌ أو أكثر ، ثم يَشُك في
بقاء إنسان داخلَ المسجد ، وهنا بما أنّ الأثر الشرعي مترتِّبٌ على وجود إنسانٍ
فقد قيل بأنّ علينا أن نستصحب بقاء وجود (إنسان) ، ولكنك عرفت مراراً أنه يجب
البناءُ على بقاء وجود (إنسان) كما تقولون ولكنْ بتوسّط جريان الإستصحاب في بقاء
زيد ، بمعنى أنّ
المستصحَب الحقيقي يكون (بقاء زيد) وليس (الإنسان) ، إذ أنّ أركان الإستصحاب في زيدٍ
تامةٌ وفي (كلّي الإنسان الذهني) غيرُ منظور إليه . ويُسمَّى هذا القِسمُ في
كلماتهم بالقِسم الأول من استصحاب الكُلّي .
*القِسمُ الثاني من
استصحاب الكُلّي : الشكّ في بقاء الكُلّي الناشئُ من الشك في أصل حدوث فرده
الوحيد[796] ، وهو على نحوين :
الأوّل أن يَنذر شخصٌ أن
يسبّح اللهَ تعالى طالما في المسجد إنسانٌ ، ثم يَعلمُ بدخول إنسان في المسجد ،
مردّدٍ بين زَيد وعَمْرو ، ثم يَعلم بوجود زيد في الخارج ، فيشكّ في كونه هو
الداخلُ إلى المسجد ثم بخروجه ، أو بعدم دخوله أصلاً وإنما الذي دخل كان عَمْراً ،
بمعنى أنه إن كان زيدٌ هو الداخلُ فلا إنسان الآن في المسجد ، وإن كان الداخلُ هو
عَمْرو ، فإنـنا
نشكّ في خروجه ، فهل يصحّ استصحابُ بقاء الإنسان في هكذا حالة ؟ والنحو الثاني : نفس الحالة السابقة
تقريباً فهي بمعنى أنه إن كان زيدٌ هو الداخلُ فلا إنسان الآن في المسجد ، وإن كان
الداخلُ هو عَمْرو ، فإنـنا نعلم بـبقاء عمرو في المسجد على فرض دخوله .
والجامعُ بين النحوين أن نقول بأنّ الشكَّ في بقاء الكلّي مسبَّبٌ عن الشكّ في أصل
[796]
بـيَّـنَه صاحبُ الكفاية بالكيفية التالية قال : "وإن كان الشك فيه من جهة
تردّد الخاصِّ الذي في ضِمْنه بين ما هو باق أو مرتفع قطعاً ، فكذا لا إشكال في
استصحابه ، فيترتّب عليه كافّةُ ما يَترتب عليه عقلاً أو شرعاً من أحكامه ولوازمه
، وتردُّدُ ذاك الخاصّ ــ الذي يكون الكُلّي موجوداً في ضمنه ويكون وجوده بعين وجوده ــ بين متيقَّن الإرتفاع ومشكوك الحدوث
المحكوم بعدم حدوثه غيرُ ضائر باستصحاب الكلي المتحقق في ضمنه ، مع عدم إخلاله
باليقين والشك في حدوثه وبقائه" (إنـتهى) . وقد عرفتَ مراراً فَسادَ رأيِه .
ومِثلَه في الفساد ما قاله الشهيدُ السيد مصطفى
الخميني قال : "ربما
يشك في بقاء الكلي ، لأجل العلم الإجمالي بوجود المصداق الزائل في الزمان الثاني
مثلاً أو المصداق الباقي ، فعندئذ يُعلم تفصيلاً بالطبـيعة والعنوان والموضوع
الكلي الطبـيعي أو الإعتباري ، ويشك في البقاء ، فتصح القضيتان المتيقنة والمشكوك
فيها" (إنـتهى) (تحريرات في الأصول ج 8 القسم
الثاني من استصحاب الكلّي ص 461)
.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 803