اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 802
المثال المذكور هو كلّي الإنسان ،
وقد ثبت باستصحاب بقاء زيد ، ففي هكذا حالة لا محيص عن القول بوجوب البناء على
بقاء وجود (إنسان) في المسجد ، لأنه هو الموضوع الحقيقي لوجوب التسبـيح .
نعود ونكرِّر بأنّ المراد من
(إنسان) هنا في المثال هو العنوان أي بمعنى (أيّ إنسانٍ خارجي) وليس المفهوم
الذهني الكلّي ، وذلك كما تقول "أكرِمْ عالماً ، أيَّ عالِمٍ" وكما تقول
"آتـني بكتابٍ" فهذه كلمات تفيد ـ على المستوى الدلالة التصوّرية ـ
معانٍ كلّيةً ، لكن المنظور منها ـ على المستوى التصديقي ـ هي مصاديقُها الخارجية
، ويُعَبَّرُ عن معاني هذه الكلمات ـ على المستوى التصديقي ـ بالكلّي الطبـيعي والعناوين المشيرة إلى مصاديقها
وبنحو الشايع الصناعي ، لأنّ المرادَ منها العالِمُ الخارجي والكتابُ الخارجي ،
وإلاّ إن لم تُسَمِّها كلياتٍ طبـيعيةً وعناوينَ مشيرةً إلى مصاديقها فماذا تسمّي
هذه الكلماتِ الكلّيّة ؟! وبماذا تُفَسِّرُها ؟
وبعد هذه المقدّمة تكلّم
العلماءُ في جهتين :
* الجِهَةُ الاُولَى : في دعوى صحّة إجراء استصحاب الكُلّي
قد تقول بأنه لا مانع من جريان
الإستصحاب في الكلّي إن كان هو الموضوعَ الحقيقي للحكم ، وذلك تمسّكاً بإطلاق
أدلّة الإستصحاب ، مع عدم وجود أيّ مانع من الإستصحاب في الكلّي .
ولكنك عرفتَ مما تقدّم أن العناوين
الكلِّية إن كان النظر فيها إلى المفهوم الذهني فلا يمكن جريانُ الإستصحاب فيها ،
لأنّ الناذر في المثال السالف الذكر لا يريد بقاء (الكلّي الذهني للإنسان) ، وإن
كان النظر فيها إلى المصاديق الخارجية ـ كما هو الأمر بالفعل ـ فيجب أن نُجريَ
الإستصحابَ بلحاظ المصاديق الخارجية ، لا بلحاظ الكلّي المفهومي الذهني .
* الجهة الثانية : في أقسام استصحاب الكُلّي
يمكن تقسيمُ الشكّ في
بقاء الكُلّي إلى أربعة أقسام[795] :
*القِسم الأوّل : الشكّ في بقاء
الكُلّي الناشئُ من الشك في بقاء الكلّي وانعدامه ، سواء كان الشكّ من جهة الشك في
بقاء المقتضي أو الشكّ في ارتفاع الكلّي ، ومثالُه في الشكّ في المقتضي : أن ينذر
[795]
يجب أن أقول هنا بأنّ بحث أقسام استصحاب الكلّي لا فائدة منه عندي ، لأنني أقول
بعدم جريان الإستصحاب في الكلّي ، لكنْ بناءً على منهج مَن يقول بجريانه فيه نخوض
في هذا البحث .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 802