اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 801
الإجمالي المنجّز ـ أن يغتسل أيضاً
، ليعلم بارتـفاعه عن حالة السقوط المعنوي ، مَثَلُ هذين الحَدَثَين كمَثَلِ
إناءَين ، أحدُهما متـنجّس ، وقد طَهّرنا أحدَهما المعيّن فقط ، دون الآخر ، فإنك
لا يجوز لك عقلاً شربُ الإناءِ الآخر ، لا لاستصحاب تـنجّز الإناء الآخر ـ فإنّ
الإستصحاب لا يجري في الأحكام العقليّة ـ وإنما من باب حُكْمِ العقل بلزوم اجتـناب
كلا الإناءين قبل تطهير أحدهما المعيّن ، ويـبقى هذا التحريم العقلي بلحاظ الإناء
الآخر حتى بعد تطهير الإناء المعيّن أو بعد فنائه ، وذلك لبقاء العلم الإجمالي
حقيقةً بـينهما ، فإنـنا نقول إمّا هذا الإناء الذي طهّرناه هو الذي كان متـنجساً
وإما هذا الإناء الآخر ، وقد ذَكَرنا هذا الأمرَ في مباحث العِلم الإجمالي
بالتـفصيل وقلنا بأنه إن خرجت بعض أطراف العلم الإجمالي عن محلّ الإبتلاء أو خرجت
لسببٍ آخر ـ كما لو طهّرنا إناءً معيّناً من الآنية النجس أحدها بنحو الإجمال ـ
فإنّ العلم الإجمالي يـبقى بلحاظ الطرف الباقي بلا أيّ شكّ ، ولذلك يحكم العقلُ
بوضوح بلزوم اجتـناب الطرف الباقي .
فإن قلتَ : فكيف تقول فيما لو
تردّد أمرُ النقطة النجسة بين وقوعها في المرحاض (الكنـيف) النجس وبين وقوعها على
الثوب ، كيف تقول بجريان الأصلِ المؤمّن ـ أي استصحاب الطهارة ـ في الثوب فيجري
استصحابُ الطهارة في الثوب بلا أيّ معارض ؟! وتقول بأنّ الأصل المؤمّن لا يجري في
المرحاض للَغْوِيّة جريانه فيها ؟!
قلتُ : في مثال المرحاض ،
لا يجري الأصلُ المؤمّن فيها للغويّته ، وإنما يجري في الثوب بلا معارِض ، وذلك
لأنّ الثوب كان طاهراً فشككنا في طروء النجاسة عليه فيجري استصحابُ الطهارة فيه
بلا معارِض ، أما لو طهّرنا أحدَ الإناءين ، معيّناً كان المطهَّر أو غير معيَّن ،
لما جرى الأصلُ المؤمِّن ـ كالإستصحاب ـ في الطرف الآخر ، وذلك لبقائه طرفاً للعلم
الإجمالي عقلاً ، وكذا تماماً لو خرج أحدُ الإناءين عن محلّ الإبتلاء ـ كما لو ذهب
الإناءُ مع مسافرٍ إلى الصين ـ لما جرى الأصلُ المؤمّن ـ كالإستصحاب ـ في الطرف
الآخر الباقي أمامنا وتحت ابتلائـنا ، وذلك لبقائه طرفاً للعلم الإجمالي عقلاً .
ومثال الكُلّي ـ أي ما لو كان موضوع
الحكم كليّاً ـ : ما لو نذر شخصٌ أن يسبّح اللهَ تعالى طالما في المسجد إنسانٌ ، فدَخَلَ زيدٌ ، ثم
بعد ساعة حصل شكٌّ في خروج زيد ، فح يجب علينا البناءُ على وجودِ إنسان في المسجد
لكنْ بتوسّط استصحاب بقاء زيد ، فالمستصحَبُ الحقيقي هو (بقاء زيد) لا (بقاء
الإنسان) وذلك لأنّ العناوين لا يمكن استصحابُها ، لأنها إن كان المنظور منها
الصورةَ الذهنية فهو غير مقصود من الناذر ، وإن كان المنظور من العناوين المصاديقَ
الخارجية ـ وهو المقصود فعلاً ـ فعلينا أن نـنظر إلى مرحلة المصاديق ، المهم هو
أنه يجب عليه أن يـبقى يسبّحُ اللهَ جلّ علا ، وذلك لأنّ موضوع الحكم في
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 801