responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 795

 

النجاسةَ لكانت النجاسةُ المعلومةُ سابقاً هي (المتيقّن) ، واعتبارُ الشارع المقدّس له متـنجساً هو ما يطلقون عليه (الحكم المماثل للمتيقّن) .

إذن ليس المراد من جعل الحكم المماثل هو أنّ الباري سبحانه وتعالى قد جعل هنا حُكماً ظاهريّاً آخر ـ غير قاعدة الإستصحاب ـ إعتَبَر بهذا الحكم الثاني أنّ هذا الماء طاهر ، كما يَحكمُ القاضي بكون المال الفلاني لفلان بناءً على البَـيّنَة أو الأيمان ، وإنما المراد من جعل الحكم المماثل هو مجرّدُ اعتبار مؤدّى الأمارة شرعياً ومؤدّى الأصل شرعياً ليس أكثر . ولذلك لا يصحّ القولُ بأنّ قيام الأمارة أو الأصل يخلق مصلحةً عند المولى تعالى تـقتضي جعْلَ حُكْمٍ مماثِلٍ لمؤدّى الأمارة أو الأصل ، فإنّ اعتبار الحكم المماثل ليس جعلاً ثانياً لنـتكلّم عن وجود ملاك له .

لكنْ أستاذنا السيد أحمد المددي حفظه الله فَهِمَ من مسلك جعل الحكم المماثل أنهم يقصدون معنى أنّ الله تعالى يجعل حُكْماً آخرَ ظاهرياً على طبق مؤدّى الأمارة والأصل ، لذلك علّق على هذا المسلك بأنه يؤدّي إلى لغوية الجعل الثاني وعدم الحاجة إليه بعد تشريع حجيّة الأمارة والأصل .

أقول : ما فهمه سيدُنا الأستاذ حفظه الله هو ظاهر كلام العلماء ، وهو استظهار صحيح ، لكن بما أنّ هذا المسلك بالمعنى المذكور هو واضح البطلان ولذلك لم يقل به أحدٌ فيجب فَهْمُ مسلك جعل الحكم المماثل على معنى وجيه وهو معنى الإعتبار والتشريع التلقائي الذي يقوله النبيّ لو فرضنا أننا سألناه عن حكم الماء الذي استصحبنا طهارتَه ، فلو سألنا النبيّ ـ مثلاً ـ عن حالة الماء الفلاني الذي نشكّ في طروء النجاسة عليه لأجابنا : إعتبروه طاهراً بناءً على استصحاب الحالة السابقة ، إذ ليست الإعتبارات الشرعية ذاتَ كُلفةٍ عند الباري تعالى كي نقول باللغوية ، وإنما هي اعتبارات علمية لا أكثر .

ولذلك ترانا نقول بصحة هذا المسلك بناءً على معنى الإعتبار والتشريع التلقائي، ونقول ببطلانه بناءً على إرادة معنى التشريع الثاني اللَّغْوي .

وأنا لم أرَ فائدةً عمليةً من بحث مسلك جعل الحكم المماثل ، إذ سواءً قلنا بأنّ الحجية هي بمعنى تـنجيز الواقع فيجب نقْضُ آثار الوقائع السابقة في العبادات والمعاملات ، أو قلنا بأنّ الحجيّة تفيدنا جعْلَ الحكمِ المماثل فإنه على كلا القولين يجب النقضُ . ولو شككنا في تغيـير المجتهد لفتواه فإنّ علينا أن نستصحب بقاءَها وعدمَ تغيـيرِها ، سواءً قلنا بأنّ الحجية هي بمعنى تـنجيز الواقع ، أو قلنا بأنّ الحجيّة تفيدنا جعْلَ الحكمِ المماثل ، ثم لو علمنا بعدئذٍ بتغيـيرها فإنّ علينا إعادةَ ما فعلناه بناءً على فتواه التي استصحبنا بقاءها ، طبعاً إلا في الموارد الخاصة التي قام الدليل الخاصّ على عدم نقضها كما فيما لو صلّى الشخصُ بنجاسةٍ جاهلاً ، فقد قام الدليل على صحّة صلاته واقعاً .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 795
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست