responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 794

 

أنك لو سألتَ نبـيّاً وقلتَ له : أنا استصحبت بقاءَ حياة زيد ، ماذا يعني هذا ؟ فإنه لا محالة سيقول لك : إنّ معنى تشريع الإستصحاب هو أن تعتبر زيداً حياً بما في ذلك من لوازمَ معروفةٍ من عدم توزيع ماله وحرمة أن تـتزوّج امرأتُه ، وإلاّ فلا معنى لتشريع الإستصحاب إلاّ هذا الإعتبار الظاهري ، ولهذا نقول : يجب أن نقول بمسلك جعل الحكم المماثل ، إذ أنّ هذا الموضوع المماثلَ للمتيقَّن هو الذي يُستصحَب وهو الذي يترتّب عليه الآثار الشرعية ، وإلاّ لو لم يكن الحكم ببقائه حياً موضوعاً شرعياً لما ترتّبت الآثارُ المعروفةُ من بقاء المال له وبقاء العلقة الزوجية .

وكذا لو قالت البَـيّنة : "هذا المال الفلاني لفلان" فإنّ إعطاء الحجيّةِ لخبر الثقة أو البَـيّنة أو لسوق المسلمين أو لليد ، معناها أنه جلّ وعلا اعتبر مؤدّى خبرِ البـيّنة ـ مثلاً ـ حجّةً ، فلو قالت لنا البـيّنةُ هذا المال لفلانٍ لوجب علينا اتّباعُ هذه البـيّنة شرعاً وسيحاسبنا اللهُ تعالى في الآخرة على أساس أنّ المال الفلاني هو لمن قالت عنه البـيّنةُ ، أي أنّ الله تعالى تعبّدنا أنّ هذا المالَ لمن قالت عنه البَـيّنةُ ، وهذا هو مرادنا من جعل الحكم المماثل حينما نقول بصحّة هذا المبنى . وبتعبـيرٍ آخر : لو قال لك الثقة "هذا الغرض الفلاني لفلان" فمعناه أنّ المولى تعالى يجعل حكماً ظاهريّاً ـ بصيرورة هذا المال لفلان ظاهراً ، وبالتالي بوجوب إعطائه له ـ ، لكن لا بمعنى أنّ الله جلّ وعلا يجعل جعلاً زائداً على جعل حجيّة الأمارة ، لأنّ هذا الجعل الثاني سيكون لغواً لا محالة ، وإنما هو بمعنى أنه جعْلٌ تلقائي ظاهري يُفهم من نفس حجيّة الأمارات ، أي أنك لو سألتَ نبـيّاً عن حُكْمِ هذا الماء الذي بنينا على طهارته ـ بناءً على الأمارة أو قاعدة الطهارة أو الإستصحاب ـ لقال لك هو طاهر ظاهراً ، وسيحاسبنا الله تعالى على هذا الأساس .

وفي مقابله يوجَدُ قولٌ آخرُ وهو أنّ جعْل الحجيّةِ للأمارة وللأصول العملية يعني جعْلَ التـنجيزِ والتعذير لهما لا أكثر .

وفي مثال الماء نقول نفسَ الشيء تماماً فنقول : هذا الماءُ كان طاهراً ، فإن شككنا الآن في عروض نجاسة عليه فإنـنا نستصحب طهارتَه ، وبالتالي بناءً على مسلك جعْلِ الحكمِ المماثل يعتبر المولى تعالى هذا الماء طاهراً ، طبعاً ظاهراً .

وكذا في سائر الأصول العمليّة ـ كما في قاعدة الحِلّ ـ وسائر الأمارات .

*وإنما سَمَّوه (مماثِلاً) لأنّ المولى تعالى اعتبر الحكمَ المماثل لمؤدّى الأمارة أو للمتيقّن هو الحكمُ اللازمُ على المكلّف التعبُّدُ به ، كما ذكرنا في أوّل الكتاب ، وهو المشهور في كلام العلماء ، فلو أخبرك الثقةُ عن نجاسة الثوب فإنّ الله يعتبره نجساً ، مفادُ خبرِ الثقة هو ما يطلَق عليه إسمُ (مؤدّى الأمارة) ، واعتبارُ الشارعِ المقدّس له متـنجساً هو ما يطلق عليه (الجعل المماثل لمؤدَّى الأمارة) ، ولو استصحبتَ

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 794
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست