responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 793

 

وينبّهُك على هذا الأمر أيضاً ما لو كنّا نعلم بعدم بلوغ الصبيّ ، فإنّ براءة ذمّته تترتّب على اعتقاد الصبيّ بعدم بلوغه ، لا على نفس بلوغه ، أو قُلْ إنّ براءة الذمّة تترتّب على الحجّة والدليل ، ولا تترتّب على الواقع ، وكذا براءةُ ذمّة شارب الخمر فإنها تكون في حال جهله بكون المشروبِ خمراً واعتقاده بكونه خلاًّ ، فبراءةُ الذمّة إذن تترتّب على الإعتقاد لا على الواقع ، وكذا الجاهل بكون المشروب خمراً فإنه يستحقّ العقابَ إذا كان يعتقد أنه خمر ، أي على الإعتقاد لا على المعتقد ، وكذلك في الإستصحاب ، فإنّ الأثر ـ وهو التـنجيز والتعذير وبالتالي استحقاق العقاب ـ يترتّب على الإستصحاب ـ الذي هو الدليل والحجّة ـ لا على المستصحَب .

* * * * *

تـنبـيـهات

1 ـ الإستصحاب على ضوء مسلك جعْلِ الحكمِ المماثل

ذكرنا سابقاً مرادَنا من مسلك جعْلِ الحكمِ المماثل وهو جعْلُ المولى تعالى حُكْماً ظاهرياً ـ موضوعيّاً أو تكليفياً ـ على طبق مؤدّى الأمارة أو الأصل ، ونستدِلّ على مسلك جعْلِ الحكمِ المماثل بأنّ مفاد دليل الإستصحاب ـ مثلاً ـ لا يُتصوّر إلا بنحو إفادته جعْلَ حكم ظاهري مماثل للمستصحَب المعلوم سابقاً ، ومقابلُه أن نقول بأننا لا نستفيد من جعل الحجيّة للأمارة والأصل إلاّ التـنجيزَ والتعذير ، لا أكثر .

ولنمثّلْ لذلك بالمثال التالي : لو فرضنا أنّ زيداً كان حَياً بالأمس ، وبالتالي فإنه يكون مالكاً لماله وتكون زوجته حلالَه ، فلو فرضنا أنـنا شككنا في بقاء حياته لسببٍ ما واستصحبنا عدمَ موته وبالتالي شككنا في بقاءِ حياته ، فمعنى ذلك ـ على مسلك جعل الحكم المماثل للمتيقَّن ـ هو أنّ المولى يشرّعُ حُكماً ظاهريّاً وهو عبارة عن بقاء المال له وبقاءِ العُلقةِ الزوجية حتى يَثبُت موتُه، وكأنه معلومُ الحياة ، ولذلك قالوا الحكمَ المماثلَ للمتيقَّن ، فالمتيقَّن هو (حياة زيد سابقاً) والموضوعُ الظاهري المماثلُ للمتيقَّن هو (اعتباره شرعاً حياً) ، ثم يترتب على اعتباره حياً أنّ اللهَ تعالى يجعَلُ حكماً ظاهريّاً مماثِلاً للمستصحَب ، وهو (الحكم بكون المال لزيد) [793]، لكنْ لا بمعنى أنّ الله تعالى يجعل جعلاً آخرَ زائداً على تشريع الإستصحاب ، ليكون لغواً ، وإنما بمعنى أنّ الله جلّ وعلا حينما شرّع الإستصحابَ فإنما يستفاد من ذلك ـ ضمناً ووجداناً وتلقائياً وعقلائياً ـ أنّ الله جلّ وعلا يعتبر الزوجيةَ باقيةً ويعتبر مالَه باقياً له ، بمعنى


[793] راجع مباحث الأصول للسيد كاظم الحائري ج 5 من القسم الثاني ص 438 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 793
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست