اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 764
الجواب : نعم ، يمكن القولُ
بجواز ذلك ، لأنّ الحرام هو مسُّ الجنب كتابَ الله تعالى ، وهذا غيرُ معلوم
الجنابة ، والذي يَحرم عليه دخولُ المساجدِ هو الجنب ، وهذا لا يَعلم بنفسه أنه
أجنبَ ، والأصلُ عدمُ الجنابة ، فالأصل العملي يقول له بجواز مسّ كتاب الله المجيد
ودخولِ المساجد ، وذلك لعدم معلومية تحقّق موضوع الحرمة وهو أمرٌ وجودي وهي الجنابة
.
أمّا قولك بلزوم استصحاب كلّيّ
الحدث فهذا وهْمٌ باطل ، كما عرفتَ قبل بضعة أسطر .
(2)
أمّا الركن الثاني وهو الشكّ في طروء التغيُّر
فهو على نحوين : الشكّ في طروء
عارضٍ على الموضوع غيّر حُكْمَه ، كالشكّ في طروء النجاسة على الخَلّ ، والثاني :
الشكّ في طروء التغيّر على نفس الموضوع ، كالشكّ في انقلاب الخلّ خمراً .
فدليلُه وجهان : عقلي ونقلي :
أمّا العقلي ، فإنّ الإستصحاب حكم شرعي
شرْطُه الشكُّ ، فلا بُدّ اَنْ يُفرَضَ الشكُّ في البقاء لا محالة .
وأمّا النقلي فللتصريح بذلك في أَلسِنَة
الروايات المتقدمة ، وهذا أمر بديهي جداً .
* وأنت تعلم النحوين السالفي الذكر ،
والنحو الأوّل أيضاً بديهيٌّ جداً ويتكرّر كثيراً في الكتب وهو كالشكّ في طروء
النجاسة على الثوب ، وأمّا النحو الثاني فهو الشكّ في بقاء موضوع الحكم بسبب احتمال
طروء ما غيّرَ ماهيتَه ، فقال علماؤنا في هكذا حالةٍ بلزوم بقاء موضوع الحكم ولو
عرفاً ، لا بل يكفي احتمالُ بقاء الموضوع ، ولذلك قالوا بلزوم أن يكون المتيقَّنُ
والمشكوكُ واحداً بنظر العرف ، على اعتبار أنّ المتيقّن هو كون الماء كرّاً سابقاً ، والمشكوك هو بقاؤه على الكريّة الآن بعد أخْذِ كميةٍ
من الماء منه ، ولك أن تقول : يُشترط وَحدةُ الموضوع المتيقّن والمشكوك على اعتبار
أنّ المتيقّن هو الكريّة ، والمشكوك هو أيضاً الكريّة رغم أننا أخذنا من خزّان
الماء كميةً منه ، وكما لو وقع كلبٌ في مملحةٍ مدّةً طويلة بحيث شككنا في تغيّر ماهيتِه
وبالتالي شككنا في زوال القذارة منه ، فإننا بلا شكّ ولا خلاف نستصحب بقاءَ هويّتِه
الكلبـيّة ، وبالتالي نستصحب بقاءَه على النجاسة الذاتية .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 764