اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 765
ودليلُ اشتراط وَحدة المتيقّن
والمشكوك هو أنه مع تغايرهما لا يكون الشك شكّاً في بقاء الموضوع ، وإنما يكون
الموضوع الجديدُ مغايراً للموضوع القديم ، كما لو صار المنيّ فَرَساً ، فلن يُعتبَرَ
الشكُّ شكّاً في الموضوع المتيقَّن ، ولن يعتبر النقض نقضاً لليقين السابق .
ولذلك ما اعتبروه رُكـناً
ثالثاً ـ وهو اشتراط وحدة المتيقّن والمشكوك ـ هو في الحقيقةِ مستـنبَطٌ من الركن
الثاني السالف الذكر ، وليس رُكـناً جديداً ، وذلك لأنّا كنّا نعلم بنجاسة
الموضوع الأوّل لكونه مَنِيّاً ، وحينما صار فرساً أي ماهيةً أخرى ـ لا مَنيَّاً
حتى نستصحب نجاسته ، وإنما صار الموضوع موضوعاً آخر ، مغايراً للموضوع الأوّل
السابق ـ فلا يصحّ عقلاً أن نستصحب بقاءَ الحكم .
وقد طُبِّق هذا الركنُ الثاني
على الإستصحاب في كلٍّ مِنَ الشبهتين الموضوعية والحكمية ، وواجه في كلٍّ مِنَ
المجالين بعضَ المشاكلِ والصعوبات كما نرى فيما يلي :
أولاً : في مجال الشبهات الموضوعية :
جاء في إفادات الشيخ الأنصاريالتعبـيرُ عن هذا الركن بالصياغة
التالية : "اِنّه يُعتبر في جريان الإستصحاب إحرازُ بقاء الموضوع ، إذ مع تبدُّلِ
الموضوعِ لا يكون الشك شكّاً في البقاء ، فلا يمكنك مثلاً اَنْ تستصحب نجاسة الخشب
بعد استحالته وصيرورته رماداً ، لأنّ موضوع النجاسة المتيقن لم يَـبقَ" ،
ولذلك قال الشيخ الأنصاري "بلزوم أن يكون المستصحَبُ عرَضاً ، ولزومِ افتراض
موضوع له واشتراط إحراز بقائه" (إنـتهى) .
ورَدّ بعضُهم على هذه الصيغةِ بأنّ
أصحابنا بما فيهم الشيخ الأنصاري تسالموا على استصحاب بقاء حياة الزوج الغائب ،
فلا تعتدّ الزوجةُ ولا تقسَّمُ تَرِكَـةُ الزوجِ ، مع أنـنا نشكّ في أصل بقاء حياة
الزوج . وكذا تسالم الأصحابُ أيضاً على استصحاب حياة المرجع ، فيما لو شككنا في
بقاء حياته ، مع أنـنا لا نعلم بـبقاء حياته من الأصل ، فإنّ الإستصحاب لا يفيدنا
إلا التعبد بـبقاء الموضوع المستصحَب ، فإذا فُرِضَ كونُ المستصحَب (كان زيدٌ ،
وكان عادلاً) المتيقنة سابقاً أمكن التعبد الإستصحابي بـبقائه ، حتى ولو كان موضوع
الأثر الشرعي مُرَكَّباً من وجود زيد وعدالته . فالميزان إذن هو احتمالُ
بقاء موضوع الحكم .
ويَرِدُ عليهم أنّ الشكّ هنا هو في
عروض الموت على الزوج أو على المرجع ، فلا بدّ من استصحاب عدم عروض الموت عليه
وبالتالي نبني على بقاء حياته ، وهذا يعني عدم صحّة هذا الإعتراض على كلام الشيخ
الأنصاري .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 765