اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 763
*ملاحظة : لا داعي للقول بلزوم
أن نقيّد المستصحبَ ، فنشترطَ فيه أن يكون موضوعاً للحكم الشرعي كطهارة الماء الذي
نريد أن نشربه ، ذلك لأنه قد يكون المستصحَب كطهارة الثوب مثلاً ، وطهارةُ الثوبِ
شرطٌ في الصلاة ، وليست موضوعاً لحكم شرعي ، فتكون طهارةُ الثوب شرطاً في موضوع[764]الحكم الشرعي .
* ثم لا شكّ أنك تعلم أنّ المستصحَب
قد يكون جزئيّاً ـ كما في كلّ الأمثلة السابقة ـ وقد يكون كليّاً كما لو علم شخصٌ
أنّه قد أحدث ، إمّا بالأصغر وإمّا بالأكبر ، فتوضّأ فقط ولم يغتسل ، فهل يجوز له
الصلاةُ أم لا ؟ قطعاً لا ، وقد تقول في وجه ذلك إنه يجب أن يَستصحبَ بقاءَ طبـيعيّ
الحدث . وبتعبـيرٍ آخر : هو حينما يريد أن يـبدأ بالصلاة يشكّ هل أنه متطهّر أم لا
، إذ لعلّه لا يزال على جنابة ، فيستصحبُ كلّيَّ الحدث .
أقول : سيأتيك أنّ استصحابَ
الكلّي الطبـيعي للحدثِ غيرُ صحيح ، لأنه إنْ أُريد به الكلّي الذهني فهو غير
المستصحَب ، لأنّ الحدثَ الحاصلَ ـ وهو الذي يجب أن نستصحب بقاءَه ـ هو أمرٌ خارجي
لا ذهني ، وإنْ أريدَ به الأفرادُ الخارجيةُ للكلّي الطبـيعي فهذا لا يصحّ ، لأنّ
الجنابة الخارجيةَ غيرُ معلومة الحصول من الأصل ، ولذلك يجب الإستدلالُ بأصالة الإشتغال التي تفيدنا عدمَ
معلومية صحّة الصلاة المأتيّ بها .
*وهل يجوز له مسُّ المصحفِ
الشريف والمكثُ في المساجد ؟
[764]
لا شكّ أنك تعلم أنّ متعلّق الحكم الشرعي هو نفس موضوع الحكم الشرعي ، كالصلاة ،
فإنها موضوع في الحكم الشرعي القائل (الصلاةُ واجبة) وأيضاً هي متعلّق الوجوب
الشرعي ، لأنّ الصلاة تعلّقت بكلمة (واجبة) ، لذلك ترانا نستعمل كلمة موضوع الوجوب
أحياناً ومتعلّق الوجوب أحياناً أخرى لأنهما بمعنى واحد . وبما أنّ هذا الحكم
الشرعي (الصلاةُ واجبة) متعلِّق بالمكلّف فإنه يصحّ أن نقول بأنّ المكلّفَ هو
موضوعُ هذا التكليف أيضاً ، لأنّ هذا الحكمَ الشرعي انصبّ عليه ، أو قُلْ لأنّ
مرجع هذا التعلّق إلى جملة شرطية مفادُها "إنْ كان الشخصُ بالغاً عاقلاً وقد
زالت عليه الشمسُ فقد صارت الصلاةُ عليه فعلية" ، فلا بأس إن سمّيتَ متعلّقَ
الحكمِ موضوعَ الحكم ، لأنه موردُ الحكمِ ، والحكمُ انصبَّ عليه ، فكما تقول للشمس
ـ في
قولنا "الشمسُ طالعةٌ" ـ بأنها موضوع القضية لأنّ الحكم بالطلوع ناظر إلى الشمس ، فكذلك هنا
تماماً ، الحكمُ بوجوب الصلاة منصبٌّ على البالغ العاقل .
كما لا شكّ أنك تعلم الفرقَ بين شرط الوجوب ـ كالزوال بالنسبة إلى
وجوب الصلاة ـ وشرطِ الواجب
وقيدِه ـ ككون
الصلاة عن طهارة ـ .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 763