اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 756
الكوفي عن محمد بن عيسى بن عبـيد
وعلي بن إبراهيم جميعاً عن علي بن محمد القاساني قال : كتبت إليه يعني أبا الحسن
الثالث tوأنا بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومِئـتين
... على أيّ حال فلا بأس بالقول بصحّة السند ، ودلالتها واضحة في إفادة أصالة
العدم الأزلي ، أي في إفادة أصالة عدم دخول الشهر الجديد إلاّ بدليل ، وأصالةُ
العدم هي أصالةٌ عقلية وفرعٌ من فروع الإستصحاب .
* * *
* *
هل الإستصحابُ أصلٌ أم أمارة ؟
لا بدّ أوّلاً أن نَذْكُرَ
الفرقَ بين الأصل والأمارة فنقول :
لم تَرِدْ هتان الكلمتان في
الشرع بالمعنى المصطلح عليه عند علمائـنا في علم الاُصول ، وإنما علماؤنا اصطلحوا
في هتين الكلمتين على المعنى التالي :
قالوا بأنّ الأمارة ـ كخبر الثقة
وسوق المسلمين واليد والصحّة في عمل النفس وعمل الغَير ـ هي ما تدّعي الواقعَ وهي ما
شرّعها الله تعالى لكاشفيّتها ـ عادةً أو غالباً ـ عن الواقع أي لإصابتها للواقع
غالباً ، وذلك بخلاف الأصل ـ كأصالة عدم التذكية ـ فإنه لا يحكي عن الواقع ولا
يدّعيه ولا كاشفيّة فيه عن الواقع ، لا عادةً ولا غالباً ، وأيضاً نحن لا نعلم إذا
كان مؤدّى الأصلِ يصيب الواقعَ غالباً أو لا ، إنْ هو إلاّ تيسيرٌ[758]على الناس ـ كما في
البراءة والحِلّ والطهارة ـ أو احتياطٌ على التكاليف الواقعيّة الإلزاميّة ، لا
غير .
وقالوا ـ بناءً على الكلام
السابق ـ بأنّ لوازمَ الأمارة حجّةٌ ، ولوازمَ الأصل غيرُ حجّة ، وذلك لأنّ المولى
تعالى حينما قال لنا بأنّ خبر الثقة حجّة فهذا يعني أنّ خبره بما يتضمّن من مداليلَ
مطابقيّةٍ والتزاميّةٍ حجّة ، وذلك لأنّ الكاشفيّة في خبر الثقة بنفس القوّة ـ
عرفاً ـ في مدلوله المطابقي وفي مدلوله الإلتزامي . فإذا قالت لك البَـيّنَة :
قطَعوا رأسَ زيد ، فالمدلولُ الإلتزامي لهذه الجملة هو أنه قد قُتِلَ حتماً ، فإذا
كان خبر الثقة حجّة ، فهذا يعني أنـنا يجب أن نبني على أنه قطع رأسه وأنه قد مات
أيضاً . وأمّا في قاعدتَي الإستصحاب والطهارة مثلاً فالمنظورُ إليه هو خصوص البناء
على طهارة الشيء المشكوك الطهارة ، وليس إلى لوازمه ، فمثلاً : إذا رأينا سفرةً في
بلاد الكفّار ، متروكةً في البريّة ، فيها اللحمُ ، وكان في تلك البلاد القليلُ من
المسلمين ، فإنّ لك أن تبني على طهارة اللحم ، لأصالة الطهارة وقاعدتها ،
[758]
يقال "إنْ هو إلاّ تيسيرٌ" برفع "تيسير" ، قال الله تعالى [إِنْ
هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبـِينٌ (184)] (سورة الأعراف) [إنْ هذا إلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إنْ هذا إلا قَولُ البَشَرِ] (سورة المدّثِّر) ...
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 756