اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 721
الخصال الثلاثة ، لكنك تشكّ في
خصوصيّة العتق ، فتَجري البراءةُ عن خصوصيّة العتق ، وتكتـفي بالتخيـير تمسّكاً
بإطلاق دليل التخيـير الذي يُفيدنا الإكتفاءَ بالإطعام ـ مثلاً ـ سواءً أعتقت أم
لم تُعْتِق .
إن قلتَ : إنّ التخيـير بين الخصال
الثلاثة ليس إطلاقاً !
قلتُ : بل هو أصرح من
الإطلاق لأنه تصريح لفظي ، فقولُك "أكْرِمْ زيداً وعمراً وبكراً" أصرحُ
من الإطلاق في قولك "أكرم فقراء الصفّ" أو "أكرم الفقير في
الصفّ" لأنّ الأوّلَ تصريحٌ لفظي ، أمّا في الإطلاق فنحن فَهِمْنا الشمولَ من
عدم التقيـيد .
ولذلك نـتمسّك بالتخيـير الوارد
في الرواية ونقدّمها على الرواية المقيِّدة بخصوص العتق .
وهنا قال المحقّق النائيني بأنّ
".. وجوب العتق ـ مثلاً ـ ثابتٌ مِن أوّلِ الأمر ، غايةُ الأمر يشك في سقوطه
بالإطعام ، والشكُّ في السقوط مجرى أصالة الإحتياط" (إنـتهى) .
أقول : بل يجب أن نـتمسّك
بعموم "الفقراء" ـ في رواية "كفِّرْ عن الذنب الفلاني بإطعام
الفقراءَ" السالفة الذكر ـ وح لا يصحّ أن نُجريَ أصالةَ الإحتياط لنقول يجب
إطعام خصوص الفقراء العدول ، وذلك لمعلوميّة تقدّم الأمارات المعتبرة ـ وهي هنا
العموم ـ على الأصول العمليّة ـ وهي هنا أصالةُ الإحتياط ـ .
فإن قلتَ : إذا قمنا بإطعام
الفقراء الغير عدول فنحن سنشكّ في إنجاز ما علينا ، وفي هكذا حالة تجري أصالة
الإشتغال العقلية !
قلتُ : يجب أن نـنظر إلى
مرحلة الجعل والثبوت في الذمّة من الأصل ، قبل أن نصل إلى مرحلة الإمتـثال ، هكذا
هو البحث العلمي الصحيح ، ونحن نشكّ ـ في مرحلة الجعل ـ بأصل وجود قيد إضافي
إلزامي ـ كالعدالة مثلاً ـ ، فهذا القيد الإضافي الإلزامي مؤونةٌ زائدة ، نشكّ في
ثبوته علينا ، والأصلُ العدم .
* لكن هناك حالات قد يُتوهّم جريانُ
البراءة فيها ، كما في قراءة الخُنـثَى المشْكِل في صلاتها الجهريّة ، فإنّها تـتردّد
بين وجوب خصوص الجهر عليها في الصلاة الجهرية ـ إنْ كانت ذكراً ـ وبين التخيـير ـ
إن كانت اُنـثى ـ فمقتضى الإحتياط هو الجهر ، لكنْ هل لها أن تـتخيّر وتقرأ
بالإخفات ـ كما في الاُنـثى ـ أم لا ؟
الجواب : في هكذا حالةٍ لا
يجوز لها أن تـتخيّر ، وذلك لأنها سيحصل عندها شكّ في تحقيق المكلَّف به ، أي هل
أنها حقّقت ما عليها أم لا ، وفي هكذا حالةٍ يجب عليها عقلاً أن تُجري أصالةَ
الإشتغال العقلي ، ولا وجهَ لإجراء البراءةِ عن خصوصيّة التعيـين بذريعة أنها
مؤونةٌ زائدة ، ولك أن تقول إنه من باب الشكّ في تحقيق المكلَّف به .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 721