اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 711
تـنفي التكليفَ بالأفعال الحرجية والغير
معلومة والغيرِ مقدور عليها ، ولكنها لم يُعلم أنها بصدد إثبات وجوبِ الباقي بحيث يمكن الإعتمادُ
عليها في استـفادة وجوب صيام بقيّة النهار لمن اضطُرّ إلى الأكل أو الشرب القليل
مثلاً ، وفي استفادة إثباتِ وجوب الصلاة لمن عجز عن الطهارة من الحدث .
هذا ، ولكن رغم ذلك يـَبقَى
هناك نظرٌ فيما ذكرناه فالقضيّةُ ليست قطعيةً وحتمية ، فقد تقول : يصحّ التمسّكُ بهذه
الآيات الكريمة فيما إذا شككنا في ركنية ومقوّمية الجزء أو الشرط المتعذِّر ، فلو
شككنا في ركنية السجود على الأرض ـ مثلاً ـ وتعذّر علينا السجودُ على الأرض لإصابةٍ
في الركبة ـ مثلاً ـ فلا يـبعد صحّةُ التمسّكِ بقوله تعالى [لا يكلِّفُ اللهُ
نفساً إلاّ ما آتاها] أي من قوّة ، مع غضّ النظر عن الروايات الفقهية في المقام ، فأنت
قويّ على بعض الصلاة ولا تَقْوَى على البعضِ الآخر ، فأنت في هكذا حالة غيرُ
مكلّفٍ بامتـثال غيرِ المقدور عليه ، فيـَبقَى عليك الباقي بمقتضى إثبات التكليف
به بقوله [إلاّ ما آتاها] فما آتاها أنت مكلَّفٌ به ، وما وَسِعَتْهُ
قوّتُك فأنت مكلّفٌ به بمقتضى [إلاّ وُسْعَها] . نعم ، إذا علمتَ بركنيّةِ الجزء
أو الشرط المتعذّر أي علمتَ بمقوّميته لماهية المركّب فلا شكّ في عدم إمكان
التمسّك بهذه الآيات ، لذلك فنحن نقول بأنّ على الفقيه أن ينظر إلى كلّ
مورد مورد ، فقد يُجري هذه الآياتِ في موردٍ ولا يُجريها في موردٍ آخر .
* الدليل الثاني : الروايات
الرواية الاُولى : ما رواه البـيهقي في
سُنـنه عن أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون عن الربـيع بن مسلم القرشي عن محمد بن
زياد عن
أبي هريرة
قال خطبنا رسول الله (ص) فقال : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج ، فحجوا ، فقال رجلٌ : أكُلَّ
عامٍ يا رسول الله ؟ فسكت (ص) حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله (ص) : لو قلتُ نعم لوجَبَتْ
ولما استطعتم
، ثم قال (ص) : ذَرُوني ما تَرَكْـتُكُم
، فإنما هَلَكَ مَن كان قَبْلَكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبـيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء
فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ، ثمَّ قال البـيهقي : ورواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب
عن يزيد بن هارون السالف الذكر ، وهو سند ضعيف جداً . وتقريب الدلالة مبنيّ على
وجود لحاظ واحد ، وهو لحاظ الجامع بين الكُلّ ـ الذي يفيدنا فيما نحن فيه ـ والكُلّي
ـ أي الجامع بين مصاديق الحجّ ـ ، لا لحاظ الكُلّ والكُلّي بخصوصيتهما كي يكون من
الجمع بين اللحاظين المتـنافيـين في استعمال واحد .
والثانية : ما روي عن أمير
المؤمنين (ع) :
الميسور
لا يسقط بالمعسور .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 711