اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 681
لكون المراد بالإحتياط في العبادات
هو الإتيان بالفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا الجزم بنية القربة ، ولا
دليل على لزوم الجزم بنيّة القربة في مثل حالتـنا المفروضة ، أكثر ممّا ذكرنا ،
وهو أن يأتي بالفعل بداعي احتمال حسنه واحتمال محبوبـيته ووجوبه واحتمال الأمر
الإلهي به ، فيقع حينـئذٍ على تقدير الأمر به امتـثالاً لأمره تعالى ، وعلى تقدير
عدمه انقياداً لجنابه تبارك وتعالى . نعم إنما يجب الجزم بنيّة القربة فيما لو كان
العمل معلوم العبادية ، فينوي الإمتـثال بداعي امتـثال الأمر المولوي القطعي ،
وفيما نحن فيه ينوي امتـثالَ الأمر المولوي المحتملِ الوجود ، ولا دليل على أكثر
من ذلك في العبادات المعلومة والعبادات المحتملة .
ولك أن تُبَـيِّنَ الدليلَ بالبـيان
التالي : إنّ المولى تعالى يشخّص أوّلاً فِعْلَ العبادةِ كالصلاة والصيام ثم
يأمرنا بالإتيان بهذه العبادة ، فنحن العباد نمتـثل هذا الأمرَ ونأتي بالصلاة بقصد
امتـثال الأمر بها ، ومع الشكّ بمطلوبـيتها فإنـنا نأتي بالصلاة لاحتمال الأمر بها
، وهذا معنى الإحتياط .
* * *
* *
التـنبـيه
الثالث
وهو في التعرّض لادّعاء عدم
صحّة جريان قاعدة الحِلّ لا في الشبهات الموضوعية الخارجية التحريمية ولا في
الشبهات الحكمية ، مثال ذلك في الشبهة الموضوعية الخارجية التحريمية ما قالوه من أنّ الشارع
المقدّسَ بـيَّن حكْمَ الخمرِ الواقعي ـ مثلاً ـ فيجب حينـئذٍ اجتـنابُ كلِّ ما يُحتمَلُ
كونُه خمراً من باب المقدمة العِلْمية ، وذلك لأنّ وظيفة الشارع المقدّس بما هو شارع
ليس إلا بـيانَ الكبريات مثل (شربُ الماء حلال ، وشربُ الخمر حرام) وقد بـيَّـنَها
ووصلت إلى المكلف حسب الفرض ، واِنّما الشك في الموضوع الخارجي ، وهو أنّ هذا المائع
الخارجي هل هو خمر أم لا ؟ ومن المعلوم أن المرجع في إزالة هذه الشبهة التي هي من
الشبهات الموضوعية ليس هو الشارع الأقدس ، وحينـئذٍ فلا يحكم العقل بأصالة الحِلّيّة
ولا يحكم الشارع المقدّس بقاعدة الحِليّة ، ضرورة انـتقاض عدم البـيان بعِلْمِ
المكلف بأصل التحريم ، والشكُّ في حقيقة متعلق التحريم بسبب أمور خارجية لا دخْلَ
له بالشارع المقدّس حتى يجب عليه رفْعُه ، بل على المكلف نفسِه إزالةُ هذا الجهل ولو
بالإحتياط . كما لا يجري فيه مثلُ حديث الرفع لإثبات الترخيص الظاهري ، إذ الحديثُ
اِنّما يرفع ما كان وضْعُه بـيد الشارع المقدَّس ، وقد عرفتَ أنّ ما يكون وضْعُه بـيده
إنما هو إنشاء الحكم الكُلّي لا غير . وعليه فمجردُ العلم بالكبريات مثل (شربُ الخمر
ـ أي الخمر الواقعي ـ حرام) أو (لا تشربِ الخمرَ ـ أي الخمر الواقعي ـ) كافٍ في تـنجُّز
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 681