اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 682
التكليف على المكلف ، ويحكم العقل بلزوم
الإجتـناب عن الأفراد المشكوكة كحكمه بلزوم الإجتـناب عن المصاديق المعلومة لأنّ
قولَ الشارع المقدّس (شربُ الخمرِ حرامٌ) يفيدنا مبغوضيةَ شرب الخمر الواقعي ،
ولذلك يحكمُ العقلُ بلزوم اجتـناب ما يُحتمَلُ كونُه خمراً .
ومثالُ ذلك في الشبهة
الحكمية ما
لو شككنا في قابلية الحيوان للتذكية ورغم ذلك ذبحناه على الطريقة الشرعية ـ من فري
الأوداج بالحديد على القبلة مع التسمية ـ فهل تجري فيه قاعدةُ الحِلّ والطهارة أم
لا ، فإنّ قابلية الحيوان للتذكية ليس لها حالةٌ سابقه وجوداً وعدماً ، فلا موقع
لاستصحاب عدمها ؟ فإنه يُحتمَل أن يكون المرجَعُ ـ عند الشك في القابلية ـ قاعدةَ الحِلّ
والطهارة وذلك لقولنا بجريان قاعدة الحِلّ في الشبهات الحكمية ، ويُحتمَل جريانُ أصالة عدم
التذكية ، لاستصحاب العدم الأزلي ، فإنّ المفروض أن التذكية عبارة عن الأمر البسيط
المتحصِّل مِن فِعْلِ المذكّي وقابليةِ المحلّ للتذكية ، وهذا المعنى البسيط كان مقطوعَ
العدمِ في حال حياة الحيوان قبل ورود فعل المذكِّي عليه ، وبعد ورود فِعْلِ المذكِّي
يُشَكُّ في حصول التذكية فيُستصحَبُ عدمُها الإستصحابَ العقلائي . ولا شكّ في
تقدُّم قاعدة الحِلّ على استصحاب عدم التذكية لأنها أخصّ من الإستصحاب ، ولو
قدّمنا استصحابَ العدم الأزلي لالتغَى موردُ قاعدةِ الحِلّ تماماً .
والجواب على المثال الأوّل يوجب علينا ذِكْرَ
المقدّمةِ التالية :
صحيحٌ أنّ الشكّ في كون المائع
الفلاني الخارجي هو شكّ موضوعي خارجي جزئي ، لكنْ من جهة أخرى الشكُّ في جواز شرب
المائع المشكوك الخمرية هو شكّ في الحكم الشرعي الكلّي ، بمعنى أننا نشكّ هل يجوز
شربُ المائع المشكوك الخمرية أم لا يجوز ؟ فهو سؤال عام يشمل هذا المائع المشكوك
وكلّ مائع مشكوك .
ثم بعد هذا نقول : اِنّ النهي عن
شرب الخمر ـ في مثالهم الأوّل ـ إنما يفيدنا حرمةَ شرب الخمر المعلوم الخمرية ، تـفصيلاً أو
إجمالاً ، ولا
يفيدنا حرمةَ شرب الخمر الواقعي ، بدليل أننا مكلّفون بما نعلم ، ولسنا مكلّفين بما
لا نعلم ، فمع الجهل واحتمالِ الخمريّة لا شكّ في جريان أصالة الحِلّيّة الشرعيّة
في هذه الشبهة الموضوعية التحريميّة بدليل أدلّة الحليّة الشرعية .
بـيان ذلك : قال الله تعالى [لا يُكَلِّفُ
اللهُ نفساً إلاّ ما آتاها] [705] أي إلاّ بما أعلمَها ،
أي بالصغرى والكبرى ، والمفروض أنـنا لا نعلم بخمريّة هذا المائع الخارجي المعيّن ـ
كما
في المثال الأوّل ـ ، فنحن إذن غيرُ مكلّفين إذا شربنا المائعَ المردّد بنحو الشبهة
البدويّة بين الخمر والخلّ ، ومثلُها قولُه تعالى [وَمَا كَانَ