responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 613

 

يقول السيد الشهيد الصدر : "الظاهر أنّ الذي يطَّلعُ على تاريخ المسألة بالنحو الذي حقّقناه يعرف النكتةَ في الإقتصار على هذه الأصول الأربعة في تاريخ علم الأصول ، وهي أنّ فكرة الأصل العمليّ لم تـنشأ بهذا النحو الكامل منذ وُجِد علمُ الأصول ، وإنّما الأصولُ العمليّة نشأت شُعبةً من شُعَبِ الأدلَّة العقليّة ، وفقهاءُ الشيعة الذين كانوا يتمسّكون بالأصل العمليّ كانوا يتمسّكون بالأصول العمليّة العقليّة ، ويعتبرونها من الأدلَّة العقليّة ، حتى أنّ الإستصحاب كانوا يحكمون بحجّيّته من باب العقل[615] ، ولم يذكر أحدٌ منهم الإستدلال بالأخبار على حجّيّة الإستصحاب إلا المتأخّرون ، وأوّل مَن ذكر الإستدلال بها على ذلك والد الشيخ البهائي رحمه الله . فالعقل في نظرهم تارة يستقلّ بالبراءة ، وأخرى بالإحتياط ، وثالثة بالتخيـير ، ورابعة بالإستصحاب ، ومن الواضح أنّ أصالة الطهارة وأصالة عدم النسخ[616] ونحو ذلك ليست من الأحكام العقليّة ، ولم يُتوهّم أنّها أحكام عقليّة حتى تذكر أيضاً تحت عنوان الدليل العقليّ ، وحتى حينما حُقِّقَتْ فِكْرَةُ الأصل ومُيِّزَ ما بـينها وبين فِكْرة الأمارة على يد الأستاذ الوحيد قُدِّس سِرُّه بقي أيضاً تصنيفُ علم الأصول بهذا النحو ، وكانت تُذكَرُ الأصولُ الأربعةُ تحت عنوان الدليل العقليّ ، وأوّلُ مَن غيّرَ تصنيفَ الأصول وأقامَهُ على أساس هذه الفكرة الجديدة للأصل هو الشيخ الأعظم رحمه اللهُ . ولما غَيّر التصنيفَ لم يُكَثّر في العدد ، بل اتّبع نفسَ طريقتِهم ،


[615] من اللازم أن نَذْكُرَ هنا ـ ولو باختصار ـ أنّ الإستصحابَ أصله عقلائي ، وامتدادُه شرعي ، أمّا كونُ أصلِه عقلائياً فواضح من تعليل الإمام الباقر (ع) لاستصحاب الحالة السابقة وإلا فإنه على يقين من وضوئه فهو يستدلّ على استصحاب الحالة السابقة بأنه على يقين من وضوئه ، إذن عليه أن يستصحب ـ عقلائياً ـ بقاءَ حالته السابقة ، لكنْ لا يمكن القولُ بكون الإستصحاب عقلياً محضاً ، وذلك لعدم اشتراط حصول القطع أو الظنّ بـبقاء الحالة السابقة ، فحتى لو كنت تظنّ بتغيّرِ الحالةِ السابقة فإنّ الإستصحاب يجري بلا خلاف ، ولهذا نقول بأنّ امتداده شرعي .

[616] لا نوافق على ذلك ، وإنما نقول بأنّ أصالة الطهارة وأصالة عدم النسخ هي أصول عقلية بوضوح ، فإنّ عقل الإنسان يقول له بأنّ الأصل هو طهارة الإشياء حتى تـَثْـبُتَ النجاسةُ بدليل شرعي لأنها من نفس باب أصالة البراءة العقلية ، وأيضاً الأصلُ عقلاً هو بقاء حكم الآية القرآنية وعدمُ نسخها حتى يَثْبُتَ النسخُ بدليل شرعي ، إضافةً إلى إمكان الإستدلال على عدم النسخ بإطلاق أدلّة الأحكام وبأنّ حلال محمّد (ص) حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامَه حرامٌ إلى يوم القيامة . وبتعبـيرٍ آخر : المرادُ من الإستصحاب في مورد عدم النسخ هو الإستصحابُ العقلي لا الإستصحاب الشرعي ، فعقلُك يأمرُك ـ بعد التحقيق ـ أن تَبقَى على حُكْمِ الآية حتى يَثبُتَ نَسْخُ حُكْمِها ، لأنّ معنى النسخ هو رفع حكم الآية .

 

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 613
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست