responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 612

 

العقلية [614]، وملاكُ التخيـير هو وجود ملاكين متساويين في عملين متـناقضين يقبح ترجيح أحدهما على الآخر بلا وجه .

ومن هنا تكلَّم بعضهم في أنّه ما هو وجه اختصاص البحث في الأصول العملية بهذه الأصول الأربعة مع وجود أصول أخرى غيرها ، كقاعدتَي الفراغ والتجاوز ، وكقاعدة الطهارة ، خاصةً الجارية في الشبهات الحكمية .

الجواب عن هذا الإشكال واضح ، وهو أنّ الفراغ والتجاوز تجريان في مورد مخصوص جداً ، وهو بعد الفراغ من العمل ، بل هما قاعدتان فرعيّتان بدليل أنّ العامّي يجريهما أيضاً ، بمعنى أنه يطبّقهما في مواردهما المخصوصة .

وكذلك قاعدة الطهارة الجارية في الشبهات الحكمية ، فإنّ موردها مخصوص جداً وهي واضحة الدليل ولا شكّ فيها ولا خلاف ، ولذلك لم يـبحثوها في الاُصول العملية . وبتعبـيرٍ آخر ، أصالةُ الطهارة في الشبهات الحكمية لا يُستـنبَط منها إلا البناءُ على الطهارة فقط ، وليست دائرةُ جريانِها هي في كلّ الأبواب الفقهية ـ كما هو الحال في البراءة مثلاً ـ ، ولذلك كان الأنسب عدمَ طرحها في علم الاُصول أصلاً . وأمّا الطهارة الجارية في الشبهات الموضوعية ، فإنه لا وجه لكونها من علم الاُصول لأنها قاعدة فقهية .

أمّا الإستصحاب ، فهو عندنا لا يجري إلاّ في الشبهات الموضوعيّة ـ دون الحكمية ـ وهو يفيدنا فقط البناءَ على بقاء الحالة السابقة ، ولذلك فهو قاعدةٌ فقهيّة أيضاً ـ لا اُصولية ـ لأنّ المكلّف يطبّقها بنفسه ، ولا يُستـنبَطُ منها حكمٌ شرعي .

لكنهم مع ذلك جعلوا الإستصحاب ـ بحقّ ـ مِن ضِمن الاُصول العمليّة ، وذلك لبحثهم فيه في إمكان جريانه في الشبهات الحكمية أيضاً ، ولبحثهم فيه في العديد من الأبحاث الكليّة كالبحث في مدى صحّة استصحاب عدم النسخ ..


[614] بـيانُ ذلك : أنت حينما تعلم أنّ "الظلم قبـيحٌ لذلك فهو ممنوعٌ عقلاً ولا ينبغي أن يُفعل" وجاءك نبي مثلاً وقال لك أيضاً "الظلمُ حرامٌ شرعاً لأنه قبـيح" فأنت ستقول للنبي بأنّ هذا الحكم عقليّ أيضاً ، وليس شرعياً فقط . وبتعبـير آخر : أنت ستقول للنبي : "إنك تؤكّد القبحَ والحرمةَ شرعاً وانّ هذا الحكم الشرعي ـ الذي هو "الظلمُ حرام لأنه قبـيح" ـ هو مؤكِّد للحكم العقلي" . وفيما نحن فيه الأمرُ هكذا تماماً ، فأنت حينما تقول بقبح العقاب بلا بـيان ـ أي حينما تقول بأصالة البراءة العقلية ـ فلا محالةَ ستكون البراءةُ الشرعية مؤكّدةً للبراءة العقلية .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 612
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست