responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 610

 

من وضوئه ، ولا تـنقضِ اليقينَ أبداً بالشك وإنما تـنقضه بـيقين آخر [613] وهو واضح في أنّ الشارع المقدّس يَلحظ ثبوتَ الحالةِ السابقة ، وهي ما نعبّر عنه بـ الكاشفية .

وفي الاُصول المحرِزة لم يثبت التـنزيل المطلق ، لا ، بل يستبعد ذلك ، بحيث لا يمكن لنا التمسّكُ بإطلاق التـنزيل لتشمل أيضاً اللوازمَ العقلية والعادية . وبتعبـير آخر : التـنزيل يجب أن يُنظَر إليه بمقدار نظر المنزِّل فقط ، أو قُلْ : التـنزيل يدور سَعةً وضيقاً مدار سعة نظر المنزِّل وضيقه ، لذلك ترى علماءَنا لا يقولون بالتعبّد بلوازم المستصحب العقلية والعادية ، كنبات اللحية للولد الذي ضاع منذ طفولته في المثال المشهور ، وإنما يرتّبون الآثار الشرعية المباشرة كعدم جواز تزوّج زوجته وعدم جواز توزيع ماله ، والفرقُ بين الأثرين هو أنّ الأولَ أثرٌ تكويني عادي يترتّب عليه أثرٌ شرعي وهو ـ في المثال ـ وجوبُ وفاء الأب بنذره ـ وهو أن يذبح شاةً إذا نبتـت لحيةُ ولده ـ ، والثاني هو حكم شرعي مباشر للمستصحَب .

وأمّا الأصول التـنزيلية فهي الاُصول التي ينزّل فيها الشارعُ المقدّسُ الموضوعَ منزلةَ الواقع ، كما في أصالة الطهارة ، لكنْ بلحاظ ما يترتّب على الحكم بالطهارة ، كما لو شككنا في طهارة الماء ، فبنينا على طهارته ، ثم غسلنا به ثوباً متـنجّساً ، فإنـنا يجب علينا أن نبني على طهارته ، ثم طهَّرْنا به طعاماً متـنجّساً ثم أكلناه للبناء على طهارته ... لا أنه ينزّلك منزلةَ العالِمِ بجميع اللحاظات كما كان الحال في خبر العادل ، وذلك لأنّ قاعدة الطهارة والحِلّية من جهة الكاشفية والحكاية عن الواقع وأغلبـيّة مطابقتها للواقع ليست مثل الأمارات أصلاً ، فإنّ الاُصول التـنزيلية ليس لها حظّ من الكشف في لسان أدلّتها ... ولكنها من جهة التـنزيل منزلةَ الواقع شبـيهةٌ بالأمارة التي فيها تـنزيلُ مؤدّى الخبر منزلة الواقع كما مرّ في آية النبأ وصحيحة أحمد بن إسحق والتوقيع الشريف .

ولأجل هذا التـنزيلِ تقوم الأصولُ العمليّة التـنزيلية ـ كالطهارة والحِلّيّة ـ مَقام القطعِ الوجداني ، وذلك لتـنزيلها مشكوكَ الطهارةِ والنجاسة منزلة الطاهر شرعاً ، لاحِظْ قولَه (ع) في موثّقة عمّار المشهورة كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك وهذا تصريح من المولى تعالى بأنك يجب عليك أن تعتبره طاهراً ، أو قُلْ : هي تـنزِّل المشكوكَ النجاسةِ منزلةَ المتيقَّنِ الطهارة ، ويَفهم من ذلك العرفُ أنك يجب أن تعتبر نفسَك متيقّناً بطهارته ، وهذا تصريح بقيام الأصول العملية التـنزيلية مَقام القطع الوجداني ، وكذا الأمر تماماً في أدلّة الحلّية ، لاحِظْ قولَه (ع) كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه .


[613] ئل 1 ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 1 ص 175 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 610
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست