اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 609
الشرع كلّها عقليّة ، إلاّ أنـنا
قد لا ندرك بعضَها بعقولنا القاصرة ، ولا يمكن للشارع المقدّس أن يحكم بما يخالف
العقلَ ، وهذا من الأمور البديهية .
ثم إنه إذا حَكَمَ العقلُ بأيّ
حُكْمٍ عقليّ ـ كما لو حَكَمَ بوجوب الإحتياط أو بعدم وجوبه ـ في حال عدم البـيان
فموردُ هذا الحكم العقلي هو الجهل بالأصل العملي الشرعي ، فإذا وَرَدَنا أصلٌ شرعي
بالبراءة مثلاً انـتـفى حُكمُ العقلِ بوجوب الإحتياط أو بعدم وجوبه ، وبهذا تعرف
أنّ الاُصول الشرعية واردةٌ على الاُصول العملية العقلية ، لأنها تُلغي موضوعَها .
*ولا بأس أن نَذْكُرَ هنا
أنّ الأحكام العقلية لا يَجري فيها الإستصحابُ ، مثل (العدلُ حسَنٌ) و (الظلمُ
قبـيح) ، فلو شككنا لسببٍ ما في خروج العمل الفلاني عن العدل فلا يَستصحِب العقلُ
ح العدالةَ وبالتالي الحُسْنَ ، ولو شككنا لسببٍ ما في خروج العمل الفلاني عن
الظلم فلا يُجري العقلُ استصحابَ بقائه على الظلم لإثبات قُبْحِه ، لأنّ مورد
الأحكام العقلية هي مجال وضوح الموضوع فقط ، لا الشكّ في عدالة الموضوع أو ظلمه ،
فإنه لا يحكم وإنما يـبقى مردّداً ، وأيضاً لا يمكن استخدامُ قاعدة الإستصحاب
الشرعية فنستصحبَ كونَ العملِ عدلاً أو ظلماً وبالتالي لإثبات أنه حسنٌ أو قبـيحٌ
، لأنها ليست آثاراً شرعية ، وأيضاً لأنّ عالَم الأحكام العقلية مغايرٌ لعالَم
الأحكام الشرعية ، بمعنى أنّ عالَم الأحكام العقلية مجالُها وضوحُ الموضوعات فقط
كما في (العدل حسن) و(الظلم قبـيح) ، لذلك لا يجري الإستصحاب فيها بأيّ وجه ،
وأمّا في مجال عدم وضوح الموضوعات فإننا نرجع إلى الشرع لا محالة . وبتعبـيرٍ آخر
، الأحكام العقلية تـتقدّم على الأحكام الشرعية لأنّ الأحكام العقلية قطعية دائماً
، أمّا الأحكام الشرعية فإن كانت قطعية فهي يحكم بها العقلُ أيضاً ، وإن لم تكن
قطعية فهي واجبة الإتّباع تعبّداً .
* * *
* *
* المقدمة
الرابعة : الفرق بين الأصول المحرِزة والتـنزيلية والمحضة
لا شكّ أنّ الأصول المحرِزة هي
التي يكون فيها نحوُ كاشفيةٍ كالإستصحاب ، يقول الإمام أبو جعفر (ع) لزرارة .. لا ، حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيئ من ذلك أمْرٌ بَـيِّنٌ
، وإلا فإنه على يقين
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 609