responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 608

 

ولا شكّ ـ عقليّاً ـ أنّ المولى تعالى قبل أن يشرّع هذا أو ذاك ينظر في ملاكات الأحكام وبتعبيرنا العرفي ينظر إلى حسابات الكسر والإنكسار في مرحلة الملاكات ، فشرّعَ في دائرة الأمارات الحجّة ـ كالظهورات وأخبار الثقات والفراش ـ الحجيّةَ ، وشَرّعَ في دائرة الأمارات الضعيفة قاعدةَ البراءة ، ذلك لأنّ احتمال إصابة الواقع في دائرة أخبار الثقات أقوى من احتمال عدم الإصابة ، وكذا الأمر في سائر الأمارات الحجّة ، والتي يعبّرون عنها ـ بإختصار ـ بـ الظهورات وسوق المسلمين واليد وقاعدة الصحّة في عَمَلِ الغَير ونحو ذلك ، أمّا في الأمارات الغير حجّة ـ كالأخبار الضعيفة والشهرات والقياس ـ فهذا غير صحيح ، أي أنّ هذه الأمارات الضعيفة لن تصادف الواقعَ غالباً ، فرأى المولى تعالى في هكذا حالات أنّ تشريع البراءة للتسهيل على الناس أهمّ من إعطاء الحجيّة لهذه الأمارات الضعيفة التي لن تصادف الواقعَ غالباً ، والتسهيلُ على الناس أهمّ من إحراجهم بتشريع الإحتياط ، فشَرّعَ فيها أصالةَ البراءة ، وهذا ما يُعَبّر عنه سيّدُنا الشهيد بـ أهميّة المحتمل الذي هو التسهيلُ على الناس .

وليس لنا طريق نحن العبـيد أن نَعرف كلّ نـتائج الكسر والإنكسار التي يعرفها الباري فقد يكون عند الباري تعالى بعضُ الموارد يَرَى فيها الإحتياطَ ونحن نعتقد أنها مورد للبراءة والحِلّيّة ، وقد يكون المولى تعالى يرى فيها البراءة ونحن نعتقد أنه يحكم فيها بالإحتياط ، كما في مثال علمنا بوجود إناء متـنجّس بين ألف إناء موجود بين أيدينا ، فهل في شرع الله لَنا أن نَشْرَبَ الكلّ لأهميّة مصلحة التسهيل على الناس على مفسدة النجاسة ؟ أو ليس لنا أن نشرب شيئاً منها ، وذلك لأهميّة مراعاة جانب النجاسة على مراعاة جانب التسهيل على الناس ، أي لرجحان الغرض اللزومي على الغرض الترخيصي ، فاَوجب الإحتياطَ ؟ أو لنا أن نشرب بعضها دون الكلّ ؟ قد تعتقد أنت بـبعض المحتملات المذكورة ويكون عند الله جلّ وعلا المحتملُ الآخرُ هو الأرجح . وأيضاً قد يجري الإستصحاب في الشبهات الحكمية واقعاً ونحن نعتقد أنه لا يجري فيها ، وقد لا يجري الإستصحاب فيها واقعاً وأنت تعتقد أنه يجري فيها .. ولذلك سمّي العَدْلِيّة بـ المخَطّئة ، لأنهم يعلمون أنهم قد يخْطِؤون الواقعَ ، وأنّ الواقع لن يتّبعهم على خطئهم .

* * * * *

* المقدمة الثالثة : الفرق بين الأصول العقليّة وغيرها

الأصلُ العقلي هو الأصل الذي يحكم به العقلُ ـ كحُكْمِ العقلِ بأصالة البراءة والحِلّيّة والطهارة ـ ، والأصل الشرعي هو ما يحكم به الشرعُ . هذا ، ولكن لا تعارض بين أحكام العقلِ وأحكام الشرع ، فأحكام

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 608
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست