اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 606
قاعدةُ الطهارة في الشبهات الحكمية
محلَّ بحث وأخْذٍ وردّ ، وإنما دليلُها في غاية الوضوح ، فلك أن تستدلّ عليها
بموثّقة عمّار المشهورة "كلّ شيء نظيفٌ حتى تعلم اَنّه قذر .." كما لك
أن تستدلّ عليها بالإطلاق المقامي بعد وضوح النجاسات في الشرع ، وفي الشكّ في عروض
النجاسة ـ كما في الشكّ في عروض النجاسة على المضاف الكثير كآبار النفط إذا وقعت
فيها نجاسةٌ ـ فلك أن ترجع إلى موثّقة عمّار أيضاً وإلى أصالة الطهارة العقلية ،
أقصد أنّ دليل قاعدة الطهارة في الشبهات الحكمية هو العقل والنقل .. إذن هي قاعدة
قصيرة وواضحة .. لذلك هي لا تحتاج إلى بحثٍ في علم الأصول ، لا لعدم كونها ذاتاً
من علم الاُصول ، وإنما لعدم وجود بحث وكلام فيها ، مع أنها تـنفعنا في استـنباط
الأحكام الشرعية.
مثالُ الأصول العملية
أصالةُ البراءة
ـ أي العقلية ـ وقاعدتُها ـ أي النقلية ـ ، أمّا قاعدة الإستصحاب في الشبهات
الموضوعية التي يطبّقها العامّي على الموارد الجزئيّة أي الخارجيّة ، وقاعدتا
الفراغ والتجاوز وقاعدةُ الطهارة في الشبهات الموضوعية فهي قواعد فقهية ويستطيع
العامّيُّ أن يستـفيد منها في مواردِ شكوكه الجزئيّة .
وأنت تعلم أنّ طهارةَ الثوب
الخارجي المستـفادةَ من قاعدة الطهارة هي حكمٌ شرعيٌّ ظاهريّ ، وهذا يعني صحّة
القول بجعل الحكم المماثل ، لكن بالبـيان الذي ذكرناه مراراً ، فإنـنا حينما نطبّق
قاعدةَ الطهارة التي تعبّدنا اللهُ تعالى بها ، فتلقائيّاً عندما طبّقناها نحن في
الثوب الخارجي الفلاني فهذا يعني أنّ الله تعالى يقول لنا (اعتبروا هذا الثوبَ
طاهراً ظاهراً) ، ولذلك نقول بأنّ هذا الإعتبار العقلي المستـنبَطَ من قاعدة
الطهارة هو حكم شرعيّ ظاهري لأنه صدر من الشرع ، ونحن مأمورون باتّباع الشرع ، هذه
الوظيفة الشرعيّة التي يتبنّاها المؤمنُ في حالة الجهل بالواقع ، هي إذن حكم شرعيّ
ظاهري وهو مرادنا من جعل الحكم المماثل .
وكلُّ ما كان قد
يَصُبّ في هذا الغرض كان من علم الأصول كالقياس وحجيّة الشهرة الفتوائية
اللذين هما ليسا بحجّة شرعاً ، ومع ذلك هما من المسائل الاُصولية بلا شكّ ، وذلك
لأنّ المحلّ المناسب للبحث في حجيّتهما وعدم حجيّتهما هو علم الاُصول .
وقد ادّعى السيد الشهيد الصدر
بأنّ الأصول العملية ، وكذا الحجج ، هي أحكام ظاهريّة لأنّ المولى تعالى شرّعها لعبـيده
في موارد الجهل ، فهي لذلك أحكام ظاهرية ، لأنّ موردها الجهل !!
أقول : ذكرنا في أوّل هذا
الكتاب ـ عند تعريفنا لِعِلْمِ الأصول ـ أنّ ما ذكره السيد الشهيد الصدر ليس
دليلاً صحيحاً على أنّ الأصول العمليّة والحجج هي أحكام ظاهريّة ، وإنما هي أحكام
واقعيّة بامتياز ، وأنّ اللائق بالتسمية بالأحكام الظاهريّة هي مؤدّيات الأمارات
والوظائف العمليّة ، فراجع هناك ...
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 606