اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 605
متأخّري المتأخّرين إلى أنّ أصالة
البراءة مرجعها إلى نفي تكليفنا بالحكم ، لا إلى كونها دليلاً على نفي الحكم ،
وهذا مرجعه إلى ما قلناه ، ولعلَّه يقصد بـبعض فضلاء متأخّري المتأخرين بعض مشايخ
الأستاذ الوحيد ، لأنّ صاحب الحدائق كان معاصراً للأستاذ الوحيد .
ثمّ إنّ الأصل العمليّ كان يُكتَبُ
في الأصول بحسب الترتيب السابق ضِمن الدليل العقلي ، حتى عند مَن حَدّد الفروقَ
الجوهريّة بين الاُصول وبين الأمارات ، إلى أنْ بَنَى الشيخُ الأعظمترتيبَ علم الأصول على هذا الأساس الحالي
، فجَعَلَ في ترتيب علم الاُصول مائزاً بين الأمارات والأصول ، فكان هذا تحوّلاً لهذا
العِلْم بلحاظ الترتيب .
* * *
* *
* المقدمة
الثانية : الحكم الظاهري وصنفاه
ويقع البحث هنا في
نـقطتين :
الاُولى: في اُصوليّة الأصول
العملية :
لا شكّ أنك تعرف موضوعَ علمِ
الاُصول وأنه القواعد المشتركة التي قد تـنـفعنا في استـنباط الأحكام الشرعية ،
وكلّ ما قد يَصُبّ في هذا الغرض هو من علم الأصول ، وذلك بالبـيان التالي : موضوع علمِ
الاُصول هو القواعدالمشتركة التي قد يستـفاد منها في استـنباط
الأحكام الشرعية ، الواقعيّة إن أمكن ، وإلاّ فالظاهريّة ، وذلك كدلالة الأمر على
الوجوب ودلالة عدم التقيـيد ـ أي الإطلاق ـ على الشمول وكالبراءة .. أمّا مثل قاعدة
الطهارة في الشبهات الحكمية فلم يـبحثوها في علم الأصول لأنها لا تجري إلاّ في مورد
الشكّ في طهارة شيء ونجاسته ولشدّة وضوح دليلها .
فإن تساءلتَ
وقلتَ
: لكنْ بعضُ المسائل الاُصولية هي أيضاً مختصّةٌ بـبعض الأبواب دون بعض ، كالبحث
عن دلالة النهي عن العبادة والمعاملة على الفساد أو عدم الفساد ، حيث إن الاُولى
تجري في خصوص العبادات ، والثانية في خصوص المعاملات ، إذن لماذا لم يـبحثوا قاعدة
الطهارة في الشبهات الحكمية كما بحثوا دلالة النهي على الفساد ؟!
كان الجواب : لا يـبعد أن يكون
الجواب عن ذلك هو أنّ النهي عن العبادة عامّ شامل لكلّ العبادات ، فالنهي عن الحجّ
يقتضي بطلانه ، وكذا في الوضوء والصلاة والصيام .. على أنّ في النهي عن العبادة
والمعاملة بحثاً طويلاً ومفصّلاً . هاتان الناحيتان غير موجودتين في قاعدة الطهارة
في الشبهات الحكمية ، فموردُها خصوصُ الشكّ في الطهارة الذاتية لشيء ما ـ كالكافر
والخمر ـ أو نجاسته الذاتية ، وليست
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 605