اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 604
الموجود عندنا اليوم بشكل دقيق ومضبوط
على يد الأستاذ الوحيد البهبهانيّومدرسته ، خصوصاً الشيخ محمّد تقيّ صاحب الحاشية
، وبَعْدَهُ تحدّد على يد الشيخ الأعظم وبلغ الغايةَ على يده الشريفة إلى يومنا
هذا ، فأصبح مفهومُ الأصل العمليّ عبارة عن المرجع الذي تُستـنـتجُ منه الوظيفةُ
العمليّة ، لا يَطلب فيها الفقيهُ العِلْمَ أو الظنّ بالحكم الشرعي الواقعي ، بل
يطلب فيها الوظيفةَ العمليّة التي يجب العمل بها شرعاً عند عدم معرفة الحكم الشرعي
الواقعي ولا التعبّدي .
وينقل الشيخ الأعظم[611]عن الوحيد البهبهانيّ
في أوّل أصل البراءة : أنّه أطلق اسم (الأدلَّة الفقاهتيّة) على الأصول العمليّة ،
واسمَ (الأدلَّة الإجتهاديّة) على الأمارات ، ويقول: إنّ النكتة في ذلك هي تعريف
الفقه والإجتهاد ، حيث عرّف الإجتهاد باستـفراغ الوسع لتحصيل الظنّ بالحكم الشرعيّ
، وعرّف الفقهَ بأنّه العلم بالحكم الشرعيّ . والأستاذ الأكبر حَمَلَ الحكمَ الشرعيّ في تعريف الإجتهاد على الحكم الواقعيّ ،
والظنّ به عبارة عن الأدلَّة والأمارات الظنّيّة التي تؤدي إليه من قبـيل الظواهر
وخبر الواحد ونحو ذلك ، ولهذا أسماها بالأدلَّة الإجتهاديّة ، وحَمَلَ الحكمَ
الشرعيّ في تعريف الفقه على الحكم الشرعيّ الظاهري ، فأطلق على الأصول العمليّة
اسم الأدلَّة الفقاهتية ، لأنّها تؤدّي إلى العلم بالحكم الشرعيّ الظاهريّ .
والخلاصة : إنّ تحديد مفهوم
الأصل العمليّ بهذا الطراز هو نـتاج بعضِ التمهيدات له قُبـيل العصر الثالث من
عصور علم الأصول ، ودُقّق في هذا العصر الثالث ـ الذي نسمّيه بعصر الأستاذ الوحيد
البهبهانيّ ـ على يد هذا الأستاذ الأكبر ومَن جاء مِن بَعدِه وساهم في تكوين
العصر الثالث ، وهذا أحد الأمور التي دعتـنا[612] إلى أن نجعل ظهور
الأستاذ الوحيد ومدرسته وما تلاه من البحث العلميّ عصراً برأسه في قبال ما قبله ،
فإنّ تحدّد فكرةِ الأصل في قبال فكرة الدليل المحرز ـ الإجتهادي ـ أمرٌ أساسي في
عمليّة الإستـنباط ، وهو من المظاهر الرئيسية لهذا العصر الثالث ، والتي بها
وبأمثالها استحق أن يكون عصراً جديداً من عصور هذا العِلم ، ولهذا ذكر صاحب
الحدائقفي كتاب الدرر النجفيّة
في دُرّةٍ عقدها لبحث أصالة البراءة ، وتكلم فيها عن أصالة البراءة بالمعنى الذي
يناسب كونها دليلاً ، وناقش في ذلك ، ثم أبطل كونها دليلاً ، وذَكَرَ بعد ذلك :
أنّه لأجل هذا ذهب بعض فضلاء
[611] أوثق الوسائل في شرح الرسائل
للميرزا موسى التبريزي/ بحث إرتـفاع موضوع الأصل بوجود الدليل ص 251 .
[612]
لا يزال هذا كلام سيدنا الشهيد المقرَّر على يد أستاذنا السيد كاظم الحائري حفظه
الله ص 23
.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 604