responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 603

 

فجوهر الأصل العمليّ كان موجوداً عندهم ، وكانوا يرجعون ـ عند عدم الأمارة المشروعة ـ إليه لا إلى أمارة غير مشروعة كالقياس أو المناسبة والتخمين ، لكنهم كانوا يسمّون ذلك بالدليل العقليّ ، ومقصودهم بالبراءة التي جعلوها من الدليل العقليّ هي ـ طبعاً ـ أصالةُ البراءةِ العقليّة لا الشرعية .

ثمّ حينما توسّع البحث في الدليل العقليّ ذكروا تحته عنواناً مستقلاً وهو الإستصحاب ، وجعلوا البراءة ترجع بنحوٍ من الأنحاء إلى الإستصحاب ، لأنّ البراءة عبارة عن استصحاب براءة الذّمّة الثابتة بحكم العقل ، وسمّوها باستصحاب حال العقل .

وأيضاً وُجِدَ في كلماتهم تقريبُ البراءة بـ (حُكْمِ العقلِ بقبح التكليف بما لا يطاق) ، لكون التكليف بغير المعلوم تكليفاً بما لا يطاق ، كما هو الحال في كلمات المحقّق الحلّي.

واُضيفَ بعد ذلك ـ كما في المعتبر والدروس ـ إلى تقريـبات البراءةِ : التقريبُ بأنّ عدم الدليل دليلٌ على العدم ، لأنّ المبلِّغين iبلَّغوا الأحكامَ الشرعيّة ، ففي المورد الذي لا نجد فيه دليلاً على الحكم الشرعيّ يُستكشَفُ من عدم الدليل عدمُه ، كلّ هذا كان بروح المعاملة مع أصالة البراءة معاملةَ الدليل العقليّ القطعيّ .

ثمّ لمّا شاع العملُ بالأمارات الظنّيّة وبخبر الواحد ، وتوسّع البحثُ في نطاق الأمارات الظنّيّة تدريجياً ، صاروا يرَون أنّ أصل البراءة دليلٌ ظنّي وأمارة ظنّيّة ، وميّزوا بـينها وبين الإستصحاب ، وقالوا بأنّ الإستصحاب أيضاً حجّة بملاك الظَّن ، حتى أنّه في كتاب المعالم توجد تصريحات تدل على أنّ بناءهم في حقيقة البراءة أنها من باب الظنّ ، بل مثل هذه الفكرة امتدت إلى بعض المتأخّرين كصاحب القوانين على ما ينقل عنه الشيخ الأعظم.

ثم بعد ذلك بدأ علمُ الأصول يحدّد مفهومَ الأصل العمليّ والوظيفة العمليّة على أيدي المتأخّرين عن صاحب المعالم والشيخ البهائي قدّس سرّهما ، ولعلّ مِن أوائل مَن تـنبّه إلى ذلك ـ كما أشار إليه الشيخ الأعظمـ هو صاحب شرح الوافية السيّد جمال الدين الخوانساري[610]، ثمّ تحدّد هذا المفهوم


[610] قال في الكنى والألقاب 2 / 375 : السيد صدر الدين بن محمد باقر الرضوي القمي ، أخذ من أفاضل علماء إصفهان ، كالمدقق الشيرواني والآقا جمال الدين الخونساري والشيخ جعفر القاضي ، ثم ارتحل إلى قم ، فأخذ في التدريس إلى أن اشتعلت نائرة فتـنة الأفغان ، فانـتقل منها إلى موطن أخيه الفاضل بهمدان ثم منها إلى النجف الأشرف ، فاشتغل فيها على المولى الشريف أبي الحسن العاملي والشيخ أحمد الجزائري ، تلمذ عليه الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني ، له كتاب " شرح الوافية " توفي في عشر الستين بعد المئة والألف وهو ابن خمس وستين سنة .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 603
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست