اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 602
تمهيد في ذِكْرِ مقدّمات
* المقدمة
الأولى : تاريخ الأصول العمليّة
إنّ الرجوع إلى الأصول العمليّة في
الفقه هو من المميّزات الجوهريّة بين الفقه الشيعي والفقه السنّيّ[609] .
توضيح ذلك : إنّ مراد أهل العامّة في
الفقه السنّي هو دائماً التوصُّل إلى الحكم الواقعي ، ولهذا هم يتمسّكون أولاً
بالأدلة المشروعة من الكتاب والسنّة ، فإن لم يوجد ذلك تـنزّلوا إلى مطلق الأمارات
الظنيّة من الظنّ والقياس ونحو ذلك .
وأمّا الفقه الشيعيّ فهو يقوم على
أساس ثلاث مراحل طوليّة في مجال الإستـنباط ، ففي المرحلة الأولى يفتّش
الفقيهُ في الأدلّة المحرِزة محاولاً معرفةَ الحكم الشرعيّ الواقعي ، فإن لم يعرف فإنه
يـَبحث ـ في
المرحلة الثانية ـ عن الأمارات المعتبرة ليَعرف الحكم الشرعي الظاهري التعبدي الذي يصيب
الواقع غالباً ، فإن وَجَد دليلاً محرِزاً على ذلك أخَذَ به ، وإلا انـتقل إلى المرحلة
الثالثة وهي الرجوع إلى (الاُصول العمليّة) ، فيأخذ بمقتضاها ، وهي تفيده (وظيفةً
عمليّة) لا أكثر .
ولا يفكِّر الفقيهُ الشيعي في هذه
المرحلة الثالثة بغير ذلك ، فهو لا يفكّر ـ مثلاً ـ بالأخذ بالقياس أو الترجيحات ونحو
ذلك .
إلا أنّ هذا المميّز الأساس
للفقه الشيعيّ لم يُطرح من أوّل الأمر بالصيغة المعروفة اليوم ، بل الأصل العمليّ
كان مندرجاً عندهم في أوّل الأمر تحت عنوان دليل العقل الذي يورث القطعَ ، ومن هنا
قال السيّد علم الهدى وابنُ إدريسفي مقام بـيان المصادر والأدلَّة التي يعتمدون عليها في
مقام الإستـنباط : إنـنا نعتمد على أدلَّة كلّها علميّة ، ولا يجوز إعمالُ دليل لا
يفيد العلمَ كخبر الواحد والقياس ونحو ذلك من الأدلَّة الظنّية ، والأدلَّة
القطعيّة عندهما كانت الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، ثمّ كانا يطبّقان الدليلَ
العقليّ في الفقه على أصل البراءة ، أو قُلْ : كانا يعتبران البراءةَ من مصاديق
أحكام العقل .
[609] أخذتُ أكثرَ كلمات هذه
المقدّمة الاُولى من كتاب (مباحث الاُصول) لاُستاذنا المعظّم السيد كاظم الحائري
حفظه الله تعالى . راجع
أوّل كتاب (مباحث الاُصول) ج 3 من القسم الثاني ص 19 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 602