اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 597
صغرى لمفاد دليل شرعي فلا تكون
نـتيجتها ملزمة لمن شذ عنها ، لأنّ شذوذه عنها معناه أن الصغرى لم تـتحقق بالنسبة إليه
، فلا يجري عليه الحكم الشرعي ، ففي المثال المتقدم لخِيار الغَبن ، إذا شَذَّ متعاملان
عن عُرف الناس وبنيا على القبول بالمعاملة والإلتزام بها ولو كانت غَبنية ، لم
يثبت لأيّ واحدٍ منهما خِيار الغَبْن ، لأنّ هذا يعني عدم الإشتراط الضمني ، ومع
عدم الإشتراط لا يشملهما دليل ( المؤمنون عند شروطهم ) مثلاً" (إنـتهى) .
* * *
* *
*الكلام في
حجيّة قول اللغَويّ
كان الكلام حتى الآن حول الظهور
، صغرى وكبرى ، وقلنا بأنّ الكلام إذا أفاد الظنّ فهو حجّة ، لأنّ المتكلّم لا
يتكلّم بما ظاهره شيءٌ ويريد منه شيئاً مخالفاً ، لأنّ ذلك خلافُ الحكمة والنهجِ
العقلائي ، ولذلك يطمئنّ السامعُ عادةً بإرادة المتكلّم المعنى الظاهرَ عرفاً ،
لذلك فالظاهرُ يفيدُ الظنّ في المرحلة البدْويّة وهي مرحلة الدلالة التصوّرية ،
ويفيد الإطمئـنانَ في مرحلة الدلالة الجديّة أي بعد التأمّل في حال المتكلّم .
أمّا إنُ عُلِم أنّ المتكلّم
ليس جادّاً في إفادة الحكم الواقعي ، وإنما هو في تقيّةٍ فلا يؤخذ ح بظاهر كلامه ،
لكنْ إنْ شُكّ في أنّ المتكلّم في تقيّةٍ أم لا ـ أي لم يوجد قرائنُ توضّح أنه في
حال تقيّة ـ فالأصلُ أنه يتكلّم لإبراز الواقع ، أي أنّ الأصل العادي المتّبَع عند
العقلاء هو عدم التقيّة ، وهذا ما يعبّرون عنه بـ أصالة الجهة[606]، أي الأصلُ أنه جادّ
ويريد تبـيـين الواقع ، وهذه كلّها اُمور مجمَعٌ عليها .
قيل إلاّ في قول اللغوي الثقة ،
فإنه حتى
وإن لم يُفِد قولُه الظنّ فهو حجّة في تعيـين المعنى الحقيقي للألفاظ ! وذلك بادّعاء
أنه أهلُ خبرةٍ في ذلك ، ولذلك استقرّت سيرةُ العلماء والشعراء والبلغاء على
التمسّك بقول اللغوي في مقام الإستدلال ، ولعلهم ادّعَوا إمضاءَ هذه السيرة أيضاً
، فلو قال اللغوي "المراد من الصعيد هو مطلق ما على الأرض من تراب وحشائشَ
ونباتاتٍ خضراءَ ويابسةٍ وكِلْسٍ وجُصّ وأسمَنت" فعلينا أن نقول ح بجواز
التيمّم على المذكورات كلّها ، ولو قال "المراد من الصعيد هو
[606] الظاهر أنّ أوّل مَن عَبّر
بتعبـير (أصالة الجهة) هو المحقّق العراقي، تلاحظ ذلك في الحاسوب ، والمراد منها أصالةُ إرادة
إبراز الواقع ، وليس أصالة الجديّة وعدمِ الهزل ، لأنّ كلامنا دائماً أو غالباً
ناظر إلى كلام المعصومين عليهم السلام ، وهم ليسوا في مقام الهزل .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 597