اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 593
* دلالات الفعل
تَقَدم مِنّا في الحلقة
السابقة الحديثُ عن دَلالات الفعل والترك[605] ، واَنّه اِنِ اقترن
بقرينة فسوف يتحدد مدلوله على أساس تلك القرينة ، واِنْ وقع مجرَّداً كان له بعضُ
الدلالات من قبـيل دلالة صدور الفعل على عدم حرمته ، ودلالةِ ترْكِه على عدم وجوبه
، ودلالةِ الإتيان به على وجه عبادي على مطلوبـيته إلى غير ذلك ، اِلاّ اَنّ الحكم
المستكشَفَ من الفعل لا يمكن تعميمه لكل الحالات لعدم الإطلاق في دلالة الفعل ،
وانما يَثبت ذلك الحكمُ في كل حالة مماثلة لحالة المعصوم من جميع الجهات المحتملِ
كونُها مؤثرةً في ثبوت ذلك الحكم على ما مَرَّ سابقاً .
* دلالات التـقرير
سكوت المعصوم عن موقف يواجهه يدِلُّ
على اِمضائه ، اِمّا على أساس عقلي باعتبار اَنّه لو لم يكن الموقف متـفقاً مع
غرضه ، لكان سكوته نقضاً للغرض ، أو باعتبار اَنّه لو لم يكن الموقف سائغاً شرعاً
لوجب على المعصوم الردع عنه والتـنبـيه ، واِمّا على أساس استظهاري باعتبار ظهور
حال المعصوم في كونه بصدد المراقبة والتوجيه .
والموقفُ قد يكون فردياً ، وكثيراً
ما يتمثل في سلوك عام يسمى بـبناء العقلاء أو السيرة العقلائية ، ومن هنا كانت السيرة
العقلائية دليلاً على الحكم الشرعي ، ولكن لا بذاتها ، بل باعتبار تقرير الشارع
لها واِمضائه المكتشَف من سكوت المعصوم وعدم ردعه .
وفي هذا المجال ينبغي التميـيزُ بين
نوعين من السيرة :
أحدهما : السيرة بلحاظ مرحلة
الواقع ، ونقصد بذلك السيرةَ على تصرُّفٍ مُعَيَّنٍ باعتباره الموقفَ الذي ينبغي
اتخاذه واقعاً في نظر العقلاء ، سواء كان مرتبطاً بحكم تكليفي ، كالسيرة على إناطة
التصرف في مال الغير بطيب نفسه ولو لم يأذن لفظياً ، أو بحكم موضوعي كالسيرة على
التملك بالحيازة في المنقولات .
[605] يريد أن يقول في هذا البحث
إنّ السيرة وفِعْل المعصومِ وسكوتَه هي أدلّة لبـية ، فلا نعرف حدودها بالدقّة ،
ولا يمكن أن نـتمسّك بالإطلاق اللفظي لأنه لا لفظ فيها أصلاً ، فيجب ح أن نأخذ
بالقدر المتيقّن فقط بالتـفصيل الذي ذكره في المتن .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 593