اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 570
حلال يريد هذا البـيت فيُقطع عليه
الطريقُ فتَذهب نفقتُه ويُضرَبُ مع ذلك ضربةً فيها اجتياحُه ؟ قال قتادة : اللهم نعم
، فقال أبو جعفر (ع) :
وَيْحَكَ
يا قتادة ، اِنْ كنت اِنّما فسرتَ القرآنَ مِن تلقاء نفسك فقد هلكتَ وأهلكتَ ،
واِنْ كنت قد أخذتَه من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة ، ذلك مَن خرج
من بـيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البـيت عارفاً بحقِّنا ، يَهوانا قلبُه
، كما قال الله عز وجل [واجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ الناسِ تَهْوِي إليْهِمْ] ولم يَعْنِ
البـيتَ فيقول "إليه" ، فنحن واللهِ دعوةُ إبراهيم (ع) التي مَن هوانا قلبُهُ
قُبِلَتْ حِجَّتُه ، واِلاّ فلا ، يا قتادة : فإذا كان كذلك كان آمناً مِن
عذاب جهنم يوم القيامة ، قال قتادة : لا جَرَمَ واللهِ لا فَسَّرْتُها اِلاّ هكذا
، فقال أبو جعفر (ع) :
ويحك يا
قتادة اِنما يَعرِفُ القرآنَ مَن خُوطب به .
إذن هاتان الروايتان ناظرتان
إلى الإستغناء عن أئمّة الهدى (ع) في التـفسير
، ولا تدلان على اختصاص فَهْمِ القرآن بالأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ،
أي أنهما لا تـنفيان حجيّةَ ظهور القرآن الكريم مطلقاً ـ أي حتى ولو كان الظهور
واضحاً ـ .
ـ ومنها : ما رواه العياشي في
تـفسيره عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : ليس شيءٌ أبْعَدَ مِن
عقولِ الرجالِ عن القرآن ووردت هذه العبارة في رواية جابر بن يزيد[570] .
أقول : هذه الرواية تـنفي
وصولَ عقولِ الرجال إلى عمق تـفسير القرآن الكريم ، فهم وحْدَهُم الذين يعرفون كلّ
دقائق القرآن وبواطنه ، ولكن مع ذلك هي لا تـنفي حجيّة ظهورات القرآن ، فنحن نعرف
من قوله تعالى [قل هو الله أحد] مثلاً ـ التي لعلّها أوضحُ آية في كتاب الله ـ أنه
الوجود كلّه ، ولا مجال لأَنْ يوجدَ معه إلهٌ آخر ، وأنه أحد في كلّ صفة من صفاته
، وهو الأحد في كلّ إسم من اَسمائه ، وهو الأحد في الأبدية والأزلية ، وهو الأحد الذي
لا تـنـتهي أسماؤه وصفاته إلى حدّ محدود ... ونحن وإن كنّا نعرف ذلك ، لكنـنا نعرف
ذلك إلى حدّ محدود ، وعلى مستوى المفاهيم فقط ...
ـ ومنها : ما رواه عبد الرحمن بن
كثير عن أبي عبد الله (ع) قال : الراسخون في العلم أميرُ المؤمنين والأئمة من وُلْدِه (علیهم السلام) . هذا الصنف من
الروايات هو من المسلّمات عند الطائفة ، ولا يُنكِرُها شيعي قط ، والمفسّرون لا
يدّعون أنهم راسخون في العلم كالمعصومين (ع) ، نعم هم راسخون إلى حدّ معيّن فقط
.
ـ ومنها : ما رواه مرازم عن أبي عبد
الله (ع) :
إنّ الله
تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبـيان[571] كل شيء ، حتى واللهِ
ما ترك اللهُ شيئاً يحتاج إليه العباد ، حتى لا يستطيع عبدٌ يقول لو كان هذا اُنزل
في
[570]
ئل 18 ب 13 من أبواب صفات القاضي ح 41 ص 142 .
[571]
إشارة إلى قوله تعالى [وَيَوْمَ
نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئـنا بِكَ
شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ ، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبـياناً لِّكُلِّ
شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)] سورة النحل .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 570