اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 569
أقول : ذكر في ئل 18 ب 13 من
أبواب صفات القاضي الكثيرَ من الروايات في التأكيد على ما ذكره صاحب الكفايةولعلّ أهمّها ما يلي :
ـ عن بعض أصحاب أبي عبد الله (ع) في حديث أنه قال أبو
عبد الله (ع) لأبي حنيفة : أنت فقيهُ أهلِ العراق ؟ قال : نعم ، قال : فبِمَ تـفتيهم ؟ قال : بكتاب الله وسُنّة
نبـيه ، قال :
يا أبا
حنيفة ، تعرِفُ كتابَ الله حق معرفته ، وتَعرفُ الناسخَ والمنسوخ ؟ قال : نعم ، قال : يا أبا حنيفة ، لقد
ادعيتَ عِلْماً ، ويلك ما جعل اللهُ ذلك اِلاّ عند أهل الكتاب الذين أُنزل عليهم ،
ويلك ! ولا هو اِلاّ عند الخاص مِن ذُرّيّة نبـينا محمّد (ص) ، وما ورَّثَكَ اللهُ
من كتابه حرفاً ـ
وذَكَرَ الإحتجاجَ عليه ـ إلى أن قال : يا أبا حنيفة ، إذا وَرَدَ عليك شيءٌ ليس في كتاب الله ولم
تأتِ به الآثار والسُنّة كيف تصنع ؟ فقال : أصلحك الله ، أَقيس وأعمل فيه برأيي ، فقال : يا أبا حنيفة ، اِنّ أوَّلَ
مَن قاس إبليسُ الملعون ، قاس على ربنا تبارك وتعالى ، فقال "أنا خيرٌ منه ، خلقتـني
من نار وخلقته من طين"! قال : فسكت أبو حنيفة ، فقال : يا أبا حنيفة ، أيُّما أرْجَسُ
البولُ أو الجنابة ؟ فقال
: البول ، فقال : فما
بالُ الناسِ يغتسلون من الجنابة ، ولا يغتسلون من البول ؟ فسكت ، فقال : يا أبا حنيفة ، أيُّما
أفضلُ : الصلاةُ أم الصوم ؟ قال : الصلاة ، قال : فما بالُ الحائضِ تَقضي صومَها ،
ولا تَقضي صلاتَها ؟ فسكت
.
لاحِظْ قولَه "اَقِيسُ واَعْمَلُ
فيه برأيي"
تعرفْ أنّ جواب الإمام (ع) ناظر إلى هكذا تـفسير باطل فاسد
يرفضه المؤمنون جميعاً ، وليس ناظراً إلى رفض تـفسير علمائـنا الأتقياء الذي
يحاولون أن يستـنطقوا القرآن ، ويفسّرونه بعِلْمٍ ـ لا على رأيهم المعتمد على
ظنّهم ـ ، ومثلُها ما بعدها .
ـ ومنها : ما رواه زيد الشحام قال
: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (ع) فقال : يا قتادة ، أنت فقيهُ أهلِ البصرة
؟ فقال : هكذا يزعمون ،
فقال أبو جعفر (ع) :
بلغني أنك
تـفسِّرُ القرآنَ ،
فقال له قتادة : نعم ، فقال له أبو جعفر (ع) : بعِلْمٍ تـفسِّرُهُ أم بجهل ؟ قال : لا ، بعلم ، فقال
له أبو جعفر (ع) :
فإنْ كنت
تـفسِّرُهُ بعِلْمٍ فأنت أنت وأنا أسألك قال قتادة : سَلْ ، قال : أخبِرْني عن قول الله
عز وجل في سبأ [وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا
آمِنِينَ ][569] ؟ فقال قتادة : ذلك مَن خَرَجَ
مِن بـيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البـيت كان آمناً حتى يرجع إلى
أهله ، فقال أبو جعفر (ع) : نشدتُك اللهَ يا قتادة ، هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بـيته
بزادٍ حلالٍ وراحلةٍ وكراء