اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 57
* ولعلّك تعلم أنّ كلّ
أو جلّ الأحكام الشرعيّة التي يستـنبطها الفقيه هي ظاهريّة ، وأمّا الواقعيّة ـ أي
المعلومة الواقعيّة ـ فهي ضروريّات الدين كوجوب الصلاة ، وهذه لوضوحها لا يستـنبطها
المجتهدُ ، ولذلك يصحّ القولُ بأنّ عِلْمُ الأصول هو (العِلْمُ بالقواعد العامّة
التي مِن شأنها أن تكون ممهّدةً لاستـنباط الأحكام الشرعيّة الظاهريّة) ، والمراد من الأحكام
الشرعيّة الظاهريّة هي مؤدّيات الأمارات والوظائفُ العمليّة ـ وليست الحججَ
والأصولَ العمليةَ كما يدّعي السيد الشهيد الصدر ـ ، وأمّا ضروريات الدين
وبديهيّاته فهي غير واقعة في مرحلة الإستـنباط ، وذلك لمعلوميّتها عند المسلمين أو
عند خصوص الشيعة ، والإستـنباطُ ناظرٌ إلى معرفة الأحكام المجهولة .
وسترى في بحث (تصنيف
الأحكام الشرعية) التعريفَ الصحيح للأحكام الواقعية والظاهرية .
* ثم إنّ من الخطأ الواضح أن يكون
لكلّ مذهب في الإسلام أصولُه ، أو لكلّ شخصٍ أصولٌ خاصٌّ به ، وإنما يجب أن
يُنظَرَ إلى العلم بشكلٍ عام ، فالتاريخ يجب أن يُذكَر كما هو ، حتى ولو كان على
غير أهواء الكاتب ، والفلسفةُ كذلك ، وسائرُ العلوم ، فإذا كان الهدف والغاية من
علم الأصول هو معرفة القواعد الصحيحة التي تـفيدنا في علم الفقه ، إذن يكون من
الواضح أنّ كلّ مسألة قد تـفيد في علم الأصول ، ولو لطائفةٍ من الناس ، يجب أن تكون
داخلةً في علم الأصول ، ولذلك يجب أن يكون موضوع علم الأصول هو (القواعد التي مِن
شأنها أن تكونَ ممهّدةً للإستـنباط) كحجيّة القياس ، فإنّ الهدف من تشريعها ـ عند مَن ادّعى
تشريعَها ـ هو التمهيد لاستـنباط الأحكام الشرعيّة ، ويعتبرونها صحيحة ، ولذلك يجب
إدخالها في علم الأصول وبحْثُها عِلْميّاً .
ثم إنّ قولنا (القواعد التي
مِن شأنها أن تكونَ ممهّ ِ دةً للإستـنباط) يُدخِل مباحثَ الحجج أي التي
موضوعها الأمارات ـ مثل (خبر الثـقة حجّة) و (الخبر الذي يخالف العامّة ـ في حال
التعارض المستـقرّ ـ هو الحجّة) ـ ومباحثَ الأصول العمليّة ـ مثل (البراءةُ حجّة)
ـ وكلَّ قاعدةِ عامّة تمهّد للإستـنباط ، كما ويُخْرِجُ القواعدَ الرجاليّة
والحديثيّة والنحويّة واللغويّة والمنطقيّة ونحوَها ممّا تكون بعيدة عن الإستـنباط
أو غيرَ ناظرة إليه ، ولذلك لا ينبغي إدخالُها في علم الأصول لأنّ غايتها ليس هو
الإقدار على استـنباط الأحكام الشرعية ، وإن أحببتَ أن تقول لأنها ليست من الوسائط
القريـبة في عمليّة الإستـنباط فلا بأس . فالقواعدُ الرجاليّة ـ مثلاً ـ ناظرةٌ
إلى إعطاء قواعدَ تـفيد وثاقةَ طائفة من الرجال كمَن يروي عنهم أحدُ الأجلاء
الثلاثة ، وأنّ مَن يروي عنه الصدوقُ في الفقيه هو ثـقة ونحو ذلك ، فهي إذن ناظرةٌ
إلى توثيق أو تضعيف طائفة من الناس ، ولا ربط لهذا الأمر بالإستـنباط ، وإنما هي
من قبـيل القواعد النحويّة والحديثيّة التي هي وسائط بعيدة عن عمليّة الإستـنباط ،
فهي ليست من قبـيل حجيّة
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 57