responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 562

 

المقام الثاني في: حجيّة الظهور

لا شكّ أنه ليس على الإنسان أكثرُ من أن يتقيّد بالظهورات العرفية للكلام حتى ولو حصل عنده من قرائنَ غيرِ معتبَرةٍ ظنٌّ بإرادة خلاف ظاهر المعنى اللغوي ، كذلك الأمر تماماً في شريعة الله جلّ وعلا ، فلا شكّ في أنّ الله تعالى والمعصومين iيكلّمون الناسَ على أساس نفس القاعدة العقلائية ، وأنهم لم يخترعوا طريقةً غريـبة في التـفهيم ، وأنّ المعصومين ساروا هم وأصحابُهم على هذا الأساس العقلائي .. وإلاّ لوصلنا ذلك في مئات الروايات ، لأنه أمر مهمّ جداً وخطير للغاية في الفقه ، ولذلك ترى كلّ المتشرّعة ـ ككلّ العقلاء أيضاً ـ يرَون أنّ موضوع الحجيّة هي المعاني الظاهرة لهم من خلال الألفاظ ، مهما حصل عندهم من ظنون موافقة أو مخالفة لظهورات الألفاظ ، وهذا ما ذهب إليه الشيخ الأعظم الأنصاري وصاحب الكفاية.

بـيانُ ذلك : قد يحصل عند الشخص أحياناً علمٌ بمعنى الكلام كما في قوله تعالى [حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ المَيْتَةُ والدَّمُ ..][564]، وقد يحصل ظنٌّ موافقٌ للظهور ، وهذا الظنّ يكون داعماً للظهور ، وكما يقولون يكون نوراً على نور .

هذا ، ولكن قد يحصل ظنّ مخالف للظهور .. فإن كان هذا الظنُّ ناشئاً من أمارات معتبرة شرعاً ـ كخبر الثقة ـ كان حجّةً قطعاً ، وأمّا إن كان ناشئاً من أمارات غير معتبرة فلا قيمة للظنّ شرعاً ، فلا ينبغي أن يؤثّر شيئاً على الظهور ، وبالتالي لن يكون حجّةً شرعاً . ولذلك يقول علماؤنا بأنـنا يجب أن نَبقَى على حجيّة (الظهور المعتبر) ـ دون الظهور المتأثّر بقرائن غير معتبرة شرعاً ـ وبهذا نكون قد تمسّكنا بمعاني ألفاظ الشارع المقدّس لأنـنا عبـيده ، وله أن يحتجَّ علينا بها .

ومن هنا تعرف أنّ الظهور الحجّة لا يُشترَط فيه إفادتُه الظنَّ بإرادة المتكلّم ما هو ظاهر الكلام .

فإن قلتَ : إنّ الناس لا يعملون بالظهورات إلاّ بما أفاد منها الظنَّ فقط ، ولا يتعبّدون بالألفاظ من دون حصول ظنّ بإرادة نفس الظاهر ، وبتعبـير آخر : موضوع الحجيّة هو المراد الجدّي للكلام ، وليس هو الظهور التصوّري للكلام ، وعليه فيجب النظر إلى الظهورين التصوّري والتصديقي الجدّي ، وليس فقط إلى الظهور التصوّري ، فإن حصل عندنا من الظهور ومن سائر القرائن ، سواء كانت معتبرة شرعاً أو غير معتبرة ، فبها ، وإلاّ فليس مجرّد الظهور اللفظي حجّة .


[564] المائدة ـ 3 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 562
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست