اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 561
الطهارة المعنوية أيضاً
، قال الله تعالى[رَسُولٌ
مِّنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً] .. كلّ ذلك لأنّ أحكام الطهارة
المعروفة في شريعتـنا لم تكن شائعة في أيام الجاهلية ، فهم لم يكونوا يهتمّون
بالنجاسات الماديّة ، ولم يكونوا بالأعمّ الأغلب ذوي شريعة إلهية ، إلاّ ما شذّ
وندر كبَني هاشم كانوا على مذهب الحنيفية الإبراهيمية ، وإلاّ اليهود في المدينة ،
لكنهم لم يكونوا ملتزمين كثيراً بالشريعة ..
فعَلَى هذا ، على
ماذا تَحملُ لفظة [نجَس] الواردة في القرآن الكريم ؟ هل تقول نستصحب بقاءَ الكلمة
على ما كانت عليه أيام الجاهلية بعدما أبطلنا هذا القول ؟ أم تقول حَصَلَ النقْلُ
خلال فترة النبوّة المباركة لأنّ الآيةَ نزلت في السنة التاسعة للهجرة ؟ بحثٌ
ذكرناه بطوله في كتابنا (الطهارة) وقلنا هناك بأنّ المراد من الآية المباركة هي
النجاسة المعنوية فراجع . لكن هنا ندرس الآية من ناحية أخرى غير الناحية التي
درسناها في كتاب الطهارة وهي ما يهمّنا هنا في بحث الأصول فنقول :
كان معنى نجس في عصر
ما قبل الإسلام هو ـ غالباً ـ النجاسةُ المعنوية ، فهل لكثرة استعمال هذه الكلمة
بمعنى النجاسة الماديّة كلّ يوم عدّة مرّات قلبت المعنى في أيام نزول الآية ـ أي
في السنة التاسعة للهجرة ـ إلى النجاسة الماديّة ؟ يُحتمَلُ ذلك جداً . ولكنْ مع
عدم العلم بحصول النقل إلى النجاسة الماديّة واحتمال بقاء المعنى القديم أيضاً بحيث
صارت الكلمة مجملة ولم يُعلم المراد من السياق فما هو الموقف الشرعي في هكذا حالة
؟
الجواب : لا شكّ أنـنا يجب أن
نعتبر هذه الكلمةَ مجمَلَةً ـ مع غضّ النظر عن الأدلّة الخاصّة ـ وذلك لعدم وجود
دليل على وجوب أو جواز البناء على بقاء المعنى السابق ، ولذلك نقول بأنّ أصالة
الثبات أو قُلْ أصالة عدم النقل لا تفيدنا في الأمثال المذكورة شيئاً ، فلا يصحّ
البناءُ على بقاء معنى النجاسة المعنوية وذلك لعدم الدليل على ذلك ، ومن البديهي
أنـنا لا يمكن لنا ـ مع الشكّ ـ أن نبني على انـتقال المعنى إلى المعنى الجديد الذي
هو ـ في مثالنا ـ النجاسة الماديّة .
* * *
* *
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 561