اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 494
الإحتياط . وبتعبـير
آخر : لولا الآيات والروايات وسيرةُ المتشرّعة لما أمكن لنا أن نـُثْبِتَ الحجيّة
لخبر الثقة ، ولذلك لم نذكر هذا الدليل .
والوجه
الثاني هو
: هل للعبد أن يتعذّر أمام مولاه يوم القيامة بأنه لم يحصل عنده علم بالرواية التي
نقلها الثقة ؟!
والجواب : هذا الوجه العقلائي قريبٌ
من الصحّة ، لكن لا يمكن الجزم به أيضاً ، ذلك لأنه إنْ لم يَحْصَلْ عنده عِلْمٌ
بحجيّة خبر الثقة وحصل عنده شكٌّ فقط أو ظنٌّ بصحّة النقل ، فلا دليل ولا حجّة
للمولى تعالى أن يعاقبه ، حتى يُـبين له أنه طريق حجّة شرعاً ، ذلك لأنّ الأصل ـ
شرعاً وعقلاً ـ عدمُ حجيّة الظنّ .
* * * * *
لا يزال الكلامُ في البحث الثاني ، وهو في أدلَّة حجّيّة الخبر ،
وقلنا إنه اُستُدِلّ على حجّية خبر الواحد بخمسة وجوه ،
وذكرنا الوجهَ الأوّل الذي كان في الأدلّةَ على حجيّة خبر الواحد من
القرآن الكريم ، والوجهَ الثاني وهو : الأدلّةَ على حجيّة خبر الواحد من السنّة
الشريفة ، والوجهَ الثالث وهو سيرة المتشرّعة ، وكلُّها أوجُهٌ صحيحةٌ وكافيةٌ في
إثبات حجيّة خبر الثقة .
4ـ الإستدلال بالإجماع
والآن نذكر الوجه
الرابع وهو الإجماع فنقول :
* اُستُدِلّ على حجيّة
خبر الثـقة بالإجماع بالتقريب التالي :
لا شكّ أنك تذكر ما
نقلناه مطوّلاً عن الشيخ الطوسي من ادّعائه إجماعَ الطائفة على حجيّة خبر الثقة ،
رغم عدم وجود علم قطعي بصحّة كلّ ما يروونه ، فلا نعيد . وقد نُسِبَ إلى مشهور
القدماء القول بـ "حجيّة خبر الثقة" .
وكيفما كان ، فلو لم
يكن خبر الثقة حجّة ـ كالقياس ـ لوجب على ساحة العصمة والحكمة النهيُ والتحذيرُ عن
اتّباع أخبار الثقات إلاّ إذا أورث حديثُهم العلمَ أو الإطمئـنان ، عدمُ تحذيرهم
وتبـيـينِهم لذلك أمارةُ رضاهم على السيرة المتشرّعية التي كانت قائمةً في عصر
النصّ ـ التي يعبّر عنها بالإجماع العملي ـ التي أنـتجت ـ في عصر الغَيـبة الكبرى
ـ ادّعاءَ إجماعِ الطائفةِ على حجيّة خبر الثقة ـ الذي يعبّرون عنه
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 494