اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 493
7 ـ ما رواه زرارةُ عن أبي
جعفر (ع) ... إلى أن قال : فقلت :
إنهما معاً عدلان مرضيان موثّقان! فقال : اُنظُرْ إلى ما وافق منهما مذهب
العامة فاتركه وخذ بما خالفهم ، فإنّ الحق فيما خالفهم [473]، اُنظر إلى هذا
الإرتكاز عند زرارةَ في حجيّة أخبار الثقات ، وأقرّه الإمام (ع) على هذا
الإرتكاز .
8 ـ ومنها : صحيحة يونس
بن يعقوب السابقة حيث قال : كنّا عند أبي عبد الله (ع) فقال : أما لكم من مفزع ، أما لكم من
مستراح تستريحون إليه ! ما يمنعكم من الحرث بن المغيرة النضري ؟! [474]، وكأنّ الإمام (ع) يقول
"ما يمنعكم من فلان ! أليس هو فقيهاً وثقة ؟! " وكأنه يذكّرهم بما في ارتكازهم
من حجيّة أخبار الثقات ، ذلك لأنّ الفقاهة لوحدها ـ من دون الوثاقة والأمانة في
النقل ـ لا تفيدنا .
فإن قلتَ : بعضُ الروايات
المذكورة ضعيفة السند ، فلا يعتمد عليها شرعاً !
قلتُ : هذا صحيح ، لكنـنا
نريد أن نحصّل من مجموع الروايات المذكورةِ الإطمئـنانَ بحجيّة خبر الثقة شرعاً ،
فلا يهمّنا ضعفُ بعض الروايات .
فلو ناقشت في كلّ ما
ذكرنا لقلنا : ألا تُوْهِمُ ـ على الأقلّ ـ كلُّ هذه الآيات والروايات حجيّةَ خبر
الثقة مطلقاً ـ أي حتى ولو لم تورث الإطمئـنانَ بالصدور ـ فلو لم يكن خبر الثقة
حجّة مطلقاً لوجب على أهل العصمة والحكمة (ع) أن يُـبـينوا ذلك للمتشرّعة كي لا
يقعوا في هذا الخطأ الكبـير والخطير على دين الله سبحانه وتعالى ، بل لوجب عليهم
الردعُ عن العمل بخبر الثقة ، إلاّ أن يوْرِثَ الإطمئـنانَ ، وليس خبرُ الثقة
بأقلّ أهميّةٍ من القياس الذي ورد في النهي عنه مئات الروايات ، وليس أقلّ أهميّةٍ
من السواك الذي ورد فيه حوالي مئة رواية !!
* وهنا وجهان
آخران قد يستدلّون بهما هنا على حجيّة خبر الثقة وهما :
الأوّل : إدّعاء وجود سيرة
عقلائيّة على العمل بخبر الثقة ، ولا أقلّ من احتمال أن يعمل المتشرّعة بهذه
السيرة العقلائية ، فسكوتُ المعصومين iعن احتمال العمل بخبر الثقة ـ على
خطورة هذا العمل جداً ـ دليل قطعي على القبول بما هو في ارتكاز الناس من قبول خبر
الثقة .
والجواب هو أنّ ما
ذكروه ممكن وقريب من القبول ، لكن لا يمكن الجزم به ، وذلك لأنّ العقلاء لا يعملون
إلاّ بما يطمئـنّون به ، وقد يعملون بخبر الثقة لعدم أهميّة الأمر كثيراً ، وقد
يعملون به من باب
[473]
الوافي ج 1 ب 25 ص 291 ، و عوالي اللآلئ المجلّد الرابع تحت رقم 229 ص 133 .
[474]
ئل 18 ب 11 من أبواب صفات القاضي ح 24 ص 105 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 493