responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 462

 

خاصةً مع تقديم [ فَاسِقٌ ] على[ بِنَبَأٍ ] ممّا يشير إلى أنّ المنظور إليه في الآية هو (الفاسق) أي أنّ الآية تريد حصر وجوب التبين بالفاسق .

ولا يفيدنا الجواب على هذا الكلام بأنّ خبر الفاسق أوجبُ في التأكّد من خبر العادل الصادقِ الذي يفيد الإطمئـنانَ غالباً .

فإنّ الأغلبـية في الصدق وحصولِ الإطمئـنان لا يوجب ذِكْرَ كلمةِ [ الفاسق ] في الآية ، فقد يحصل عندك ظنّ مِن قول الفاسق أحياناً لبعض قرائن ، ولا يحصل ظنّ ـ لبعض قرائن ـ مِن خبر العادل ، ورغم ذلك يجب التبين شرعاً في خبر الفاسق دون خبر العادل .

* التقريب الثالث أن يُنظَرَ إلى السبب القرآني لوجوب التبين في خبر الفاسق وهو [أَن تُصِيـبوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ] فالخوف من إصابة قوم بجهالةٍ هي العلّة الاُولى لوجوب التبين ، فالأحوط قرآنياً وشرعاً إذَنْ أن نـتبين فيه ، لأنه لا يؤْمَنُ منه الكذِبُ العمْدي فنظلم الناسَ ، أمّا إن كان الراوي صادقَ اللهجة فلا يجب الإحتياط قرآنياً وشرعاً ، وذلك لأنه ليس جهالة شرعاً ، وإنما هو بـيانٌ وعِلْمٌ شرعاً أي بنظر الباري تعالى ، وهذا يؤكّد مسلكَ الطريقية .

فإن قلتَ : بل كلا الخبرين جهالةٌ بالوجدان ، طالما لم يحصل من خبر الثقة عِلْمٌ واعتقاد ، ولذلك سيحصل ندامة إن وقع المتّبع في خلاف الواقع لأنه لا يحصل من خبر الثقة إطمئـنان دائماً .

قلتُ : هذا صحيح ، فإنّ خبر الثقة لا يفيد الإطمئـنان دائماً ، فالثقةُ قد يخطئُ أحياناً ، لكن مع ذلك ، المولى تعالى اعتبر خبر الثقة ـ بالتقريب السابق ـ عِلماً ، وذلك لأنه لم يوجب الإحتياط بلزوم التبين ، ذلك لأنه بـيان عند الله تعالى ، وليس جهالة شرعاً .

* التقريب الرابع أن نـنظر إلى جهة الندم الواردة في الآية ، وهي العلّة الثانية لوجوب التبين ، قال تعالى[ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ] فإنّ مَن يتّبعُ خبرَ الثقة الذي اعتبره اللهُ تعالى عِلْماً لن يندم ، حتى وإن أخطأ وخَسِرَ وتَضَرّرَ ، وذلك لأنه اتّبع الصادقَ ، والذي خبرُه عِلْمٌ شرعاً ، ومحترَمٌ عقلاً وعقلائياً ، وليس جهالة ، لا شرعاً ولا عقلائياً . فالندم لا يكون إلاّ عند التقصير العقلائي ، ولا يكون إلاّ على ما لا يحسن ارتكابُه عند العقلاء ، كمَن يستبدّ برأيه ولا يشاور ، وكمن يخالف الإستخارة ، أمّا إن لم يقصّر الشخص في السؤال وسعَى سعْيَه ومع ذلك صادف أن وقع في الخطأ ، فإنه لن يندم ، لأنه سأل الثقةَ أو شاور الرجال ، نعم هو يحزن حتماً على حصول الضرر والخسران ، لكنه لا يصدق عليه

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست