اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 460
ولذلك نـقول : إنّ نقْل السيدِ
المرتضى للإجماع على عدم حجّية خبر الواحد لا يمكن أن يكون صحيحاً ، فإنـنا
نقطع بعدم انعقاد إجماع الطائفة على عدم العمل بخبر الواحد ، خصوصاً بقرينة روايات
كثيرة واردة عن أصحاب الأئمة (ع) واعتماد الفقهاء والناس أجمعين على روايات الثقات وأخذها منهم مع وضوح
عدم حصول القطع عندهم منها دائماً . وكذا لا يمكن لهذا الإجماع المدّعى أن يكون حجّة
، لأنّ الأمارة إنّما تكون حجّة في مورد الشكّ لا مع القطع بالخلاف ، بل لا دليل
على حجيّة الإجماع المنقول ـ كما مرّ معنا الإستدلال على ذلك ـ إلاّ إذا كان
كاشفاً عن رأي المعصومين ، وإجماعُ السيد المرتضىـ بعد كلّ الذي سمعتَ ـ
لا يكشف عن رأي المعصومين (ع) ، خاصةً مع ذهاب المشهور إلى حجيّة خبر الثقة ، فقد ادّعى الشيخ الطوسي
وجماعةٌ الإجماعَ على حجيّة خبر الواحد في الجملة ، كما ادّعى ذلك في الرسائل[414] ثم جزم بالشهرة على ذلك
بين القدماء والمتأخّرين.
4 ـ دعوى التمسّك بالعقل
فقد يُدّعَى عدمُ
إمكان التعبّد بحجيّة خبر الثقة لأنه ظنّ ، وقد يخالف الواقعَ ، وهذا يخالف الغرض
من بعث الرسل لأجل تطبـيق أحكام الله الواقعية ، لا الظاهرية ، وو .. ممّا ذكرناه
في بحث (الأمر الثاني في الجمع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري) وأجبنا عنه
بتطويل فراجع .
5 ـ دعوى التمسّك بالأصل
أنت تعلم أنّ الأصل
يقتضي عند الشكّ في حجيّة ظنٍّ ما ـ أمارةً كان الظنّ أو أصلاً ـ عدمَ الحجيّة .
ولا أقصد بالأصل هنا استصحابَ العدم الأزلي ، أي استصحاب عدم الجعل ، وذلك لأنك
تعلم بتمامية الشريعة ، أي هناك جعْلٌ قطعاً بالنسبة إلى مسألة حجيّة خبر الثقة في
اللوح المحفوظ ، وإنما أقصد أنّ الحكم الأعلائي لكلّ الظنون ـ بحسب الأصول العقلية
والعقلائية والشرعية والمتشرّعية ـ هو عدم الحجيّة ، ولذلك كان هذا الأصلُ بديهياً
ومسلّماً .
والجواب أيضاً معروف
وبديهي وهو عدمُ جريان هذا الأصل عند ثبوت الحجيّة شرعاً .
وبهذا
تمّ البحثُ الأوّلُ في أدلّة عدم حجيّة الخبر .