responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 393

 

على أنه لا تدخلُ (الخصوصيّةُ) في مرحلة التصوّر أو الجعل ، أي لا يوجد في اللوح المحفوظ شيءٌ إسمه "يجب على مَن أفطر عمداً خصوصُ العِتـق" إنما الموجود "يجب على مَن أفطر العتـقُ" أو "يجب عليه العتـق أو الإطعام أو الصيام" ، والكاشف عن عدم دخالة (الخصوصيّة) في الملاك أو في الواجب في مرحلة الجعل هو عدمُ دخالة قصد (الخصوصيّة) في مرحلة الإمتـثال ، وهذا أمر بديهي ، إنما الواجب هو العتـق ، ولا يجب الإتيان بـ (الخصوصيّة) أيضاً ، أقصد أنّ ما يدخل في العهدة هو إمّا العتـق بنحو التعيـين وإمّا إحدى الخصال المعروفة بنحو التخيـير ، فليست (الخصوصيّة) تكليفاً مشكوكاً أو قُلْ مشكوكَ التكليف والإلزامِ كي تـنفَى بالبراءة ، وإنما (الخصوصيّةُ) أمْرٌ ذهنيٌّ محض ، لا وجود له في الخارج ، فهي إذن غير قابلة للتكليف ، وعليه فلا تجري فيها البراءةُ ، وبهذا يُرَدُّ على قولهم بأنّ التعيـين قيد زائد يُنفَى بالبراءة ، ولذلك فالواجب هو إمّا العتـق وإمّا إحدى الخصال الثلاثة ، والعتـقُ يُـبْرِئُ الذمّة ، وغيرُه لا يُعلم بأنه يُـبْرِئُ الذمّة .

مثالٌ آخر : لو شككنا في تعيّن تـقليدِ خصوصِ الأعلم ـ بسبب الكلام في دَلالة أدلّة الأعلميّة كمقبولة عمر بن حنظلة ورواية داوود بن حُصَين وغيرِهما ـ أو في التخيـير الشرعي بـينه وبين المفضول ـ بسبب وجود كلام في إطلاق الأدلّة ، كآيتَي النفر والذكر ومكاتبة (وأمّا الحوادث الواقعة) ، وبسبب ضعف رواية الطبرسي المشهورة فأمّا مَن كان مِنَ الفقهاء صائـناً لنفسه ، حافظاً لدينه مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمْرِ مولاه ، فللعوامِّ أن يُقَلِّدُوه[333]ـ فهل


[333] هي رواية أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الإحتجاج) حيث قال : حدثني السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه (هو من طبقة الشيخ أحمد بن علي الطبرسي) قال حدثني الشيخ الصدوق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي الرازي رحمة الله عليه (كان فقيهاً جليلاً ثقة عيناً من تلامذة المفيد والمرتضى ، وكان حيّاً سنة 446 هـ ق ، ودوريست هي من قرى طهران ، وتسمّى اليوم دَرَشْتْ) قال حدثني أبي : محمد بن أحمد قال حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رض قال حدثني محمد بن القاسم المفسر الإسترآبادي (ذَكَرَهُ الشيخُ الصدوق في العيون مترضّياً عليه وكان الصدوق يترحّم عليه كثيراً) قال حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن علي بن محمد السيار ـ وكانا من الشيعة الإمامية ـ قالا : حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري (ع) في قوله تعالى [وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ] (البقرة ـ 78)ان الأمي منسوب إلى أمه أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء ولا المتكذب به ولا يميزون بـينهما الا أماني أن يقرء عليهم ... ـ إلى أن قال : ـ وقال رجل للصادق (ع) : إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتـقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم ... ـ إلى أن قال : ـ فقال (ع) : بين عوامنا وعوام اليهود فرقٌ من جهة وتسوية من جهة ، أما من حيث الإستواء فإنّ اللهَ ذَمَّ عوامَّنا بتـقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم ، وأما من حيث افترقوا فإنّ عوام اليهود كانوا قد عَرَفُوا علماءَهم بالكذب الصراح وأكل الحرام والرشا وتغيـير الأحكام واضطروا بقلوبهم إلى أن من فعل ذلك فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمهم ، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر والعصبـية الشديدة والتكالب على الدنيا وحرامها ، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتـقليد لفسقة علمائهم ، فأمّا مَن كان مِنَ الفقهاء صائـناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوامِّ أن يُقَلِّدُوه ، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم ، فإنّ مَن ركب من القبايح والفواحش مراكب علماء العامة فلا تـقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامة ... .

ثم إنه قد يُتوهّم أنّ المروي عنه هو أبو محمد وأنّ أبا محمد هذا هو ابن أحمد ، وهذا غير صحيح ، فإنّ المروي عنه هو (أبي) ، لكنه أراد أن يوضّحه فقال بأنّ مرادي من (أبي) هو محمد بن أحمد . ومحمد بن أحمد الدوريستي هو من الأجلة ، يروي عنه ابنه أبو عبد الله جعفر ، ويروي عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، فيكون في طبقة مشايخ الشيخ أيضاً (راجع طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال للسيد علي أصغر بن السيد محمد شفيع الجابلقي البروجردي المتوفى سنة 1313 هـ ق ) . وترجمه في رياض العلماء قائلاً : محمد بن أحمد هو الفقيه محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي الرازي . وترجمه في أمل الآمل بقوله "الشيخ الجليل محمد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي : فقيه عالم فاضل" . هذا وتراه في كتاب البحار هكذا : محمد بن أحمد بن العباس بن محمد بن الدوريستي . لكن في سائر كتب أصحابنا ... بن العبّاس بن الفاخر ، وليس ابن محمد .

أقول : لم أستطع على تصحيح هذا السند المذكور ، لأنّ المعروف جداً بين علمائـنا جهالة يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيّار ، ولا طريق لدينا لتوثيق أحدهما ، لذلك يحكم على الرواية بضعف السند .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست