responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 390

 

الديّة ، وهذه المصاديق المذكورة تحقّق الجامعَ المطلوب ؟! أليس وحدة الأمر والعقاب ـ للمفطِرِ عمداً وللقاتل ـ تقتضي وحدة الجامع ؟!

على أنه يَرِدُ على الإحتمال الثاني أنه لا معنى لكون المصداق الفلاني واجباً بنفسه وفيه مَلاك فِعْلي وتامّ ومع ذلك يكون مشروطاً ، أليس بـينهما تـناقضٌ واضح ؟! ثم كيف يتوقّف الواجبُ على الترك ؟! وكيف لو ترَكَهُما معاً ، ألا يتـنجّزُ ح كلا الوجوبين ؟! ثم ألا يستلزم هذا تعدُّدَ المعصية والعقابِ كما هو الحال في حالات التـزاحم بين واجبين عرْضيين لو تركهما المكلف معاً ؟! بتعبـيرٍ آخر : إن لم ترجع الوجوبات التخيـيرية إلى جامع واحد وقلتَ إنّ معنى الوجوبات التخيـيرية هو إن لم تفعل كذا فافعلِ العملَ الثاني ، وإن لم تفعل العملَ الثاني فافعل الأوّلَ ، فافرض أنه تَرَك كلا العملين ، أليس معنى ذلك أنه قد تـنجّزَ عليه كِلا العَمَلين فيترتّب عليه استحقاقُ عقابين ؟! أمّا على الإحتمال الأوّل ـ والذي هو عبارة عن كون الجامع عنواناً منـتـزعاً كعنوان الكفّارة والديّة ـ فالمخالفُ يَستحقّ عقاباً واحداً على ترك الجامع الواحد ، لا أكثر .

ممّا ذكرنا تعرفُ أنّ الوجوب الشرعي التخيـيري هو وجوب تعيـيني بلحاظ الجامع ، وتخيـيري بلحاظ تشخيص مصاديق الجامع مِن قِبَلِ الباري سبحانه وتعالى . نعم ، لأنّ الباري جلّ وعلا ذَكَرَ مصاديقَ هذا الجامع سمّيناه تخيّـيراً شرعياً .

وكما رأيتَ في الأمثلة السابقة ، فإنّه يوجَدُ واجباتٌ تخيـيريةٌ يمكن الجمع بـينها ـ كما في مثالَي الكفّارة والديّة ـ ويوجد واجبات تخيـيرية لا يمكن الجمع بـينها ـ كما في مثال الدرس والزراعة ـ .

وأمّا ثمرة هذا البحث ، فـقد قيل بأنه توجد ثمرة تـترتب على تفسير الوجوب التخيـيري بهذا الوجه أو بذاك ، وهي جواز التـقرب بأحد العِدْلَين بخصوصه على الإحتمال الثاني لأنه متعلق للأمر بعنوانه ، وعدمُ جواز ذلك على الإحتمال الأول ، لأنّ الأمر متعلق بالجامع ، فالتـقرب ينبغي أن يكون بالجامع كما هي الحالة في موارد التخيـير العقلي ، وفي التخيـير الشرعي بين إقامة صلاة الجمعة أو صلاة الظهر يجب أن يكون التقرّبُ بنفس المصداق المذكور في الشرع . فأقول : على أيّ حال يجب على الإنسان أن ينوي القربةَ في العبادة ، ولا يلتـفتُ الإنسانُ إلى هكذا أثر .

وقيل بوجود أثر آخر وهو فيما لو حصل شكّ بين التعيـين والتخيـير ـ كما لو شككنا في الكفّارة هل هي خصوص العتق أم هي مخيّرةٌ بين العتق والصيام والإطعام ـ وسيأتيك بعد قليل بـيانُ ذلك ، فأقول : الصحيح هو أنّ المجرى في هكذا حالة هو لأصالة الإشتغال بوضوح ، فلم يـَبْقَ أثرٌ للبحث في حقيقة الوجوب التخيـيري .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست