responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 388

 

بتعبـير آخر ، قالوا إنّ الفرق بين الوجوب التخيـيري الشرعي والوجوب التخيـيري العقلي هو أنّ الأوّل يُذكَرُ فيه المصاديقُ ، وهو كاشف عن أنّ النظر إلى المصاديق موجود من عالم الجعل ، وأمّا التخيـير العقلي فهو عبارة عن وجوب الطبـيعة ، كوجوب الصلاة ، والإنسان يختار كيف يطبّقُها ، بأيّ لباس وفي أيّ زمان ومكان ، وكوجوب إكرام العالم ، فمتى ما وُجِد العالم وجب إكرامه ، فنفهم أنّ العلّة في الوجوب هو هذا الموضوع المذكور .

أمّا الوجوبُ التخيـيري الشرعي فقد قيل إنّ مرجعَه إلى وجوبين مشروطين أو أكثر ، بمعنى أنّ كُلاًّ مِنَ العِدْلَين ـ مثلاً ـ واجبٌ وجوباً مشروطاً بترك الآخر ، فكأنّ المولى تعالى قال "إنْ تَرَكْتَ الإطعامَ فأعتـق" و "إنْ تَرَكْتَ الإعتاقَ فأطعِمْ" ، ومثلُه أيضاً ما لو قلتَ لولدك "إن لم تكن تدرسُ فتعالَ ساعدْني في الزراعة" و"إن لم تُرِدْ أن تعملَ معي في الزراعة فادرسْ" ، فإنّ الوجوب قد تعلّق بواقع كلّ طرف ، لكن على نحو البدليّة ـ لا على نحو التعيـين ـ ولكلّ طرفٍ مَلاكٌ تامّ ، فيكون النظر إلى المصاديق في مرحلة الجعل ـ أي الإعتبار المبرَز ـ ، بخلاف التخيـير العقلي ، فإنّ النظر فيه يكون ـ في مرحلة الجعل ـ إلى خصوص الجامع ، فمع بـيان المصاديق من قِبَلِ الشرع يكون التخيـير شرعياً ، ومن دونه يكون عقلياً ، وعليه فمتعلّقُ الوجوب التخيـيري متعدّد ، ومتعلّق الوجوب العقلي واحد .

من هنا نشأ السؤالُ التالي : هل أنّ الوجوب التخيـيري الشرعي يرجع إلى جامع واحد ، وأنّ المصاديق المذكورة هي مصاديق لهذا الجامع الذي لم يذكره المولى تعالى ، أم أنّ الوجوب التخيـيري الشرعي متعلّقٌ ابتداءً بالمصاديق ، ولا جامع بـينها ؟

بناءً على الإحتمال الأوّل تقول : إذا أفطر شخصٌ عمداً في شهر رمضان فإنه تجب عليه الكفّارةُ ، وكفّارةُ الإفطار العمدي في شهر رمضان هي الجامع بين العتـق والصيام والإطعام ، وكذا نقول : إذا قتل شخصٌ مؤمناً خطأً فإنه تجب عليه الديّةُ ، وديّةُ قتْلِ المؤمن هي الجامعة بين مئة من الإبل أو مئـتَي بقرة أو ألف شاة أو ألف دينار . وفي العرف الخارجي أمثالُ ذلك كثيرٌ ، فلو كَسَرْتَ زجاجَ شخصٍ فقال لك : عليك أن تدفع ثمنَه وكِلْفَةَ تركيـبِه أو أن تشتري زجاجاً وتركِّبَه ، فهو في الحقيقة يقول لك : جزاءُ فِعْلِك هذا هو ضمان البَدَل ، والبَدَلُ هو كذا أو كذا ، فالبدلُ هو الجامع بـينهما . المهم هو أنه لا ينبغي أن نقول : إذا أفطر الإنسان عمداً فإنه يجب عليه إمّا العتـقُ وإمّا الصيام وإمّا الإطعام ، فإنّ الإبتداء بالتردّد فيه نحوُ جهالة ، فهو كقولك أنا لا أعرف مَن في الغرفة ، فهو إمّا زيد وإمّا عَمْرو وإمّا بكر ، وإنما ينبغي أن نقول : إذا أفطر عمداً فإنه يجب عليه الكفّارةُ ، والكفّارةُ عبارةٌ عن إحدى الخصال المعروفة .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست