responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 381

 

أشمل : إن كان سؤالكم عن الواجب من المقدّمة هل هو مطلق المقدّمة ـ وهو قول صاحب الكفاية[329] وجماعة ـ أم خصوص المقدّمة الموصلة ـ وهو قول صاحب الفصول والسيد محسن الحكيم[330] والسيد الشهيد الصدر وجماعة[331] وهو القولُ الحقّ ـ أم المقدّمة بقصد التوصّل ـ أي المقدّمة التي قُصِدَ بها التوصّلُ إلى ذيها وهو القول المنسوب إلى الشيخ الأنصاري ـ ؟ فنقول ـ كمقدّمة لحديثـنا ـ :

الواجبُ عقلاً أن يقصد المكلّفُ امتـثالَ أمْرِ مولاه جلّ وعلا دائماً ، مثلاً : عليه أن ينطلقَ الإنسانُ بقصد إنـقاذ الغريق ـ في المثال المعروف ـ سواءً تمّ إنـقاذ الغريق أم لم يَتِمَّ لمانعٍ ما ، بمعنى أنه لو دخل الأرض المغصوبةَ بقصدِ الإنـقاذ ، فهو بريء الذمّة ولا يستحقّ العقابَ ، سواءً أنقذ الغريقَ فيما بعد أم غيّر رأيه في اللحظة الأخيرة فلم ينقذْه عمداً أو لمانع ما . وإذا دخَلَها بلا قصْدِ الإنـقاذ أو انقلب رأيُه في وسط الأرض المغصوبة إلى عدم إرادة الإنـقاذ فهو مأثوم قطعاً ، ولو من باب التجرّي ، سواءً أنقَذَ الغريقَ صدفةً فيما بعد أم لم ينقذه . فإذن : قصْدُ الإنـقاذ دخيلٌ في جواز دخول الأرض المغصوبة ، ودخيل في ترتّب الثواب ، ولو من باب الإنقياد ، وهذا أمر واضح ، لكن متى يطلَقٌ عليها إسم (المقدّمة) أو (المقدّمة الواجبة) ؟ فنقول :

*متى يطلَق على المقدّمة إسمُ (مقدّمة) ؟ الجواب هو أنه لا فائدةَ مِن معرفة مَتَى يطلَقُ على المقدّمة إسم (مقدّمة) ومتى لا يطلَقُ عليها إسم مقدّمة ، فغايةُ المسألةِ لا تـتوقّف على مجرّد التسمية ، وإن كان من الواضح أنّ المقدّمة لا يطلَق عليها أنها مقدّمة إلاّ إذا ترتّبتِ الغايةُ عليها ، حتى ولو لم يكن ملتـفتاً إلى وجود غريق في الأرض المغصوبة ، وحتى لو دخل إلى الأرض المغصوبة بغير نِـيّة الإنـقاذ ، لكنْ صادف أن أنقذه بعدما وصل إليه ، فهذا الدخول يطلق عليه عقلاً أنه مقدّمة الإنـقاذ ، وذلك لأنه لولا تحصيلُ جميع مقدّمات الإنـقاذ ـ ولو بسوء النيّة ـ لما تحقّق الإنـقاذ ، ولولا السيرُ إلى الحجّ لما وصل الشخصُ إلى عرفات ... ـ بلا دخلٍ لِقَصْدِ التوصّل بوجه ـ فح نـقول (كان الفعل الفلاني مقدّمةً تكوينيّة لهذه الغاية) ، وإلاّ ـ إن لم يترتّبِ الواجبُ ـ فإنها تكون مقدّمة موهومة أو قُلْ : تكون مقدّمةً مرادة في عالم الخيال فقط .

وبتعبـير أوضح : المقدّمةُ هي العلّة التامّةُ الخارجيّة لإمكان الإتيان بغايتها ـ وهي ما يطلَق عليه مقدّمة الواجب ـ ، والأجزاءُ مع الشرائط هي العلّة الداخليّة ، هذا في المركّب ، وفي الأمور البسيطة ـ كإلقاء


[329] منـتهى الدراية ج 2 ص 343 .

[330] صرّح بذلك في مستمسك العروة الوثقى ج 3 ص 6 .

[331] دروس في علم الأصول ح 3 جزء 2 من أجزاء المصنّف الفقير ص 272 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست