اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 373
توضيح ذلك : إنّ الواجب
النفسي هو (الصلاة عن طهارة) ، ولا يمكن عقلاً أن يأمرنا المولى تعالى بـ
(الصلاة عن طهارة) ويأمرنا أيضاً بالوضوء ، وذلك لأنه أمْرٌ مكرّرٌ فيكون
لغواً محضاً ، ولذلك نقول بأنّ الأمر بالوضوء ـ في الآية الكريمة ـ هو إرشاد إلى
كيفية تحصيل الطهارة التي هي مقدّمة عقلية لتحصيل (الصلاة عن طهارة) ، ولذلك نقول بأنّ
الأمر بالوضوء هو أمر إرشادي عقلي لتحصيل الطهارة ، لا مولوي تكليفي شرعي ـ لأنه
كما قلنا لو كان شرعياً لكان لغواً محضاً ـ ، ولذلك لو ترك الإنسانُ الصلاةَ فإنه
لا يحاسب على ترْكِ الوضوء أيضاً ، وإنما يستحقّ العقابَ على ترك الصلاة فقط ،
وهذا يكشف عن أنّ الأمر بالوضوء ليس تكليفياً . من خلال ما ذكرنا تعرفُ أنّ الوضوء
هو مقدّمة عقلية لتحصيل الطهارة ، لأنه علّة شرعيّة لتحصيل الطهارة ، والطهارة هي
مقدّمة عقليّة للصلاة . نعم كيفيةُ الوضوءِ هي شرعية بوضوح .
كما أنك تعلم من خلال (إنِ
استطعتَ فحِجَّ) أنّ الحجّ لا يجب عليك إلاّ إنِ استطعتَ عليه ، وأنه لا يجب عليك
تحصيلُ الإستطاعة ، وذلك لأنّ المفروض أنّ المولى تعالى لم يقل (حصّلِ الإستطاعةَ
لتحجّ) ، ولذلك يكون حصول الإستطاعة شرطَ وجوب الحجّ ، ولكن إن حصلت الإستطاعة
فإنه يجب الحفاظ عليها لإيقاع الحجّ عن استطاعة ، فيصير (الحفاظ على الإستطاعة ـ
في هكذا حالة ـ مقدّمةَ واجب) . كما أنّ قول الله [أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآنَ الفَجْرِ ، إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً (78)] [323] يعني أنّ (الزوال هو
شرط الوجوب الفعلي للصلاة) أي أنه إذا زالت الشمس فصلّ الظهرَ ، ولا يعني وجوبَ تحصيل
دلوك الشمس للإتيان بصلاة الظهر ، إضافةً إلى خروج تحصيل الزوال عن اختيارنا ، فلا
يمكن إيجابُ تحصيله ، ولذلك يجب أن يكون من شروط الوجوب ، لا من مقدّمات الواجب ،
لكن إن حصل الزوال فإنه يجب إيقاع الصلاة ما بـينه وبين قبـيل الغروب بمقدار إيقاع
صلاة العصر ، وهذا يعني أنّ (إيقاع صلاة الظهر في هذا الوقت هو قيد الواجب وشرطه)
.
وأمّا مقدّمات الواجب فلا شكّ
في وجوب تحصيلها ، وذلك بدليل أنه حينما زالت عليك الشمس فقد وجبت عليك الصلاة ،
أي يجب إقامة الصلاة ، وبما أنّ للصلاة شروطاً ، فيجب تحصيل هذه الشروط لإيقاع
الصلاة صحيحةً ، ومن شروط الصلاةِ كونُها على طهارة وعلى استـقبال وعلى ستر وضمن
الوقت المحدّد شرعاً . وفي الحجّ ، يجب السير إليه قبل وقته بحيث يستطيع أن يؤدّيَ
الحاجُّ مناسك الحجّ في وقتها المحدّد شرعاً .