اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 369
أقول : بقاؤه حيّاً إلى
موسم الحجّ هو مقدّمة وجوبـية ـ وليس شرطاً متأخّراً وقيداً في الحجّ ـ ، مَثَـلُه
كَمَثَلِ الزوال بالنسبة إلى وجوب صلاة الظهر تماماً ، وكمَثَلِ المرأةِ الصائمة ،
فإنّ بقاءها طاهرةً إلى آخر دقيقة في النهار هو شرط الوجوب الفعلي لصيامها ، وإلاّ
فإن جاءها الحيضُ ولو في آخر دقيقة من النهار فإنه يَكشف عن عدم الوجوب الفعلي
للصيام الأدائي عليها في هذا اليـوم ، وإنما كان الوجوب الفعلي عليها هو صيامه
قضاءً ، ومِثْلُهما تماماً بقاءُ السلامة بالنسبة إلى الصيام ، فإن بقيت السلامة إلى
آخر النهار كشف ذلك عن الوجوب الفعلي للصيام ، وإلاّ ـ فإن مرِضَ ـ كشف ذلك عن عدم
وجوبه الفعلي عليه ، وكذا بقاءُ حضره في وطنه إلى ما قبل الزوال ، وإلاّ كُشِف عن
عدم وجوب أدائه فِعْلاً عليه ، وكذا بقاؤه حيّاً إلى آخر صلاته ... كلّ هذه القيود
المتأخّرة يطلَقُ عليها إسمُ (قيود متأخّرة) وليس مقدّمات متأخّرة ، لأنّ الكلمتين
ـ (مقدّمات) (متأخّرة) ـ غيرُ منسجمتين مع بعضهما ، فإنّ التقدّم يضادُّ التأخّر .
وكذلك في قضيّة الحجّ تماماً ،
فإنْ بقيت الحياة إلى دخوله الحرمَ المكّي كشف عن وجوبه الفعلي عليه وبالتالي يسقط
عنه الحجّ ، فكأنما حجّ ، وإلاّ ـ فإن مات قبل دخوله الحرمَ المكّي ـ كُشِفَ عن
عدم وجوبه عليه من الأصل ، فلا يجب القضاء عنه ، إلاّ إذا كان الحجّ واجباً عليه
من السنين السابقة ، أي متعلّقاً في ذمّتـه ، فبقاءُ العقل والحياة والطهر والحضر
والإستطاعة في العبادات والواجبات التدريجيّة هي قيود وجوبـية متأخّرة ، لا شرط
وقيد متأخّر للواجب .
* * * * *
* الحُكمُ
المطلَق والحُكم المشروط
معنى الحكمِ المطلق هو كوجوب العدل وحرمة
الظلم وكوجوب إكرام العالِمِ ـ مثلاً ـ من دون تـقيـيد الوجوب بنجاحه في الإمتحان
ـ مثلاً ـ أو بكونه هاشميّاً ، ومعنى الإطلاق معروف عندك ، فأنت تـقول : امرأةُ
فلانٍ طالق أي غير مقيّدة بقيود الزوجيّة ، ومعنى الحكم المشروط هو كقولك لولدك "إن
نجح زيدٌ فأكرمه" وكقول الشارع المقدّس "إذا غَلَى العصيرُ العنبي فإنه
يَحْرُمُ" وكما في قول الشارع المقدّس "إذا فرّطتَ بالأمانة فأنت لها
ضامن" ، وكوجوب الحجّ ، فإنه مقيّد بالعقل والبلوغ والإستطاعة ، فإن تحقّقت
الشروطُ المذكورة صار الحكم فِعليّاً وإلاّ فلا ، وهذا أمْرٌ واضح عرفاً بسبب التعليق
والتوقّف المذكور .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 369