اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 368
تجري البراءةَ عن احتمال تـقيّد
صيامها بالغُسل التالي . وبهذا قال جماعة من أصحابنا[320] . ولذلك كان مِنَ
الخطأ أيضاً التمثيلُ للشرط المتأخّر بهذه الرواية .
والنـتيجة هي أنـنا لم
نرَ في الشرع مـثـالاً على الشرط المـتـأخّر عن المعلول .
وقد ظهر لك ممّا تـقدّم
ما يلي :
1 ـ يطلَق الشرطُ على تـقيّد
الواجبِ ـ كالصلاة مثلاً ـ بقيدٍ ما ، فالشرط ليس هو الكونَ على الطهارة ، وإنما
الشرط هو تـقيُّدُ الصلاةِ بالكون على الطهارة ، وليس الكونُ على الطهارة إلاّ
حالةً يَتّصف بها المـتـطهّرُ ، ولذلك يتّـصف هذا التـقيّدُ بالواجب النفسي كما قد
يتّصف الشرط بالحرمة النفسيّة ككون المسير في أرض مغصوبة ، فنفسُ السيرِ ليس
محرّماً قطعاً ، إنما المحرّم هو كون السير في الأرض المغصوبة . والذي يتّـصف
بالواجب الغيري هو كون الإنسانِ على الطهارة ، السابقُ على الصلاة . لذلك كانت الشرائط
داخلة دائماً في الواجبات ، كـتـقيّد الصلاة بكونها إلى القبلة ومع الستر وعن قيام
... هذه التـقيـيدات كلّها شرائط ، وأمّا المـقدّماتُ الخارجة فهي ككون الشخص على
الطهارة المتـقدّمِ زماناً على الصلاة .
ومن الأمثلة العرفيّة قولُك
لولدِك : إشترِ كلغ لحماً مشويّاً ، فالواجب ليس هو مجرّدَ شراء اللحم ، وإنما
الواجب هو شراء اللحم المشوي ، فـتـقيّدُ اللحمِ بكونه مَشْوِيّاً هو شرط الواجب ،
وهو داخل في الواجب ، ولذلك كان واجباً بالوجوب النفسي ، فليس هو خارجاً عن الواجب
، نعم ، شَويُ اللحمِ هو مقدّمة خارجيّة لـتحصيل شرط الواجب ، ولذلك ( شَوْيُ
اللحمِ ) هو الذي يُطلَقُ عليه (الواجبُ الغَيري ) .
2 ـ لاحظتَ ممّا تـقدّم أنّ كلام
العلماء إنما هو في مقدّمة الواجب ، لا في مقدّمة الوجوب ، كتحقّق الزوال بالنسبة
إلى تحقّق الوجوب الفعلي لصلاة الظهر ، وكحصول الإستطاعة بالنسبة إلى تحقّق الوجوب
الفعلي للحجّ .
* ومن هنا فلا وجه لما قد يُتوهّمُ
من أنّ بقاء الحياة والقدرةِ إلى موسم الحجّ هما شرطان متأخّران ، على أساس أنّ
الشرط المتأخّر هو بقاؤه حيّاً وبقاءُ استطاعته إلى آخر الحجّ ، وإلاّ كشف عن عدم
فعليّة الحجّ عليه ، فقيل بأنّ بقاءه حيّاً إلى دخوله الحرمَ المكّي يُسقط وجوبَ
القضاء عنه ، فهو بالتالي شرط متأخّر .
[320]
راجع العروة الوثقى/ في أحكام الإستحاضة / مسألة 12 ، وفي أحكام المفطّرات مسألة
49 ، ومن المفيدِ مراجعةُ تـنـقيح السيد الخوئي ج 7 ص 139 ومستـندَه / كتاب
الصوم / في المفطّرات مسألة 49 ص 194 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 368