اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 357
*ثم طَرَحَ العلماءُ فرضيّةَ
ما لو شُكّ في كون الواجب الفلاني واجباً نفسيّاً أو واجباً غَيرياً ، فتساءلوا :
ما هو الأصلُ في المقام ، هل هو النفسيّة أم الغَيريّة ؟ فـنقول :
عرفنا ممّا سبق في بحث
(النـَّفْسِيّة والعَينـيّة والتَّعْيـينـيّة) أنّ الأصلَ اللفظي ـ أي معنى توضّأْ
وصَلِّ وحِجَّ وتصدّقْ ـ يقتضي النفسيّةَ ، وأنّ عدم تـقيّد صيغة الأمر بكونه
مقدّمةً لغَيره يقتضي الإطلاق ـ أي الوجوبَ المطلَقَ أي الوجوب النفسي ـ ، لأنّ
كونَه غَيرياً ، فيه تـقيّدٌ زائد يُنفَى بالإطلاق المـقامي وبالأصل
العقلي .
فلو شككتَ في كون شيءٍ نفسياً أو غَيرياً لأجل أمْرٍ فلاني ، فالتـقيّدُ بكونه
لأجل أمر آخر ، فيه تجشّمٌ زائدٌ ، فلو وَرَدَك (توضّأْ) وشككتَ في كون وجوب
الوضوء نفسيّاً ـ أي مطلقاً ـ أو غيرياً ـ أي هو بنحو (إذا وجب شيءٌ فتوضّأ) ـ
فإنك تـنفي التـقيُّدَ الزائدَ بالإطلاق المقامي ، ليَثبت بالتالي عدمُ التـقيّد ،
وبالتالي الوجوبُ النفسي .
وأمّا على مستوى الأصل العملي ،
فالشكّ يكون بين وجوب الوضوء أو التصدّق ـ على احتمال وجوبهما النفسي ـ وعدمِ
وجوبهما ـ على احتمال وجوبهما الغيري ـ والأصلُ البراءةُ ، لأنّ المسألة سوف تكون
هكذا : هل يجب الوضوء مطلقاً ، أو في خصوص إرادة الصلاة ، فهو إذن يشكّ في وجوبه
الآن ـ حتى ولو لم يُرِدْ أن يصلي ـ وعدمِ وجوبه .
* استحقاق
الثوابِ على فِعْلِ المقدِّمات والعِقابِ على ترْكِها
هل يستحقّ الإنسانُ
الثوابَ على فِعْلِ المقدّمة أو العقابَ على ترْكِها كالسير إلى الحجّ والوضوء ؟
الجواب : لا ينبغي أن يستحقّ
الإنسانُ الثوابَ على مقدّمة الواجب كما ادّعى بعض الناس ، بمعنى أنه لا يحتمل أن
يستحقّ الإنسانُ الثوابَ على مقدّمة الواجب وأيضاً على نفس الواجب ، كما لا يستحقّ
الثوابَ على فِعْلِ جواز السفر ، وعلى ذهابه إلى الطائرة ، وعلى كلّ خطوة إلى
الحجّ ... كما لا ينبغي أن يستحقّ العقابَ على فعل كل مقدّمة للحرام إلاّ المقدّمة
التوليدية . نعم يمكن أن يَمُنَّ اللهُ تعالى على العبد الممتـثِل الذي يمتـثل
الواجبَ الغيري بقصد الإمتـثال والتوصّل ـ لكنْ لا مِن باب الإستحقاق ـ .
وقد تـقول : هل يمكن عقلاً أن لا
يعطي اللهُ الثوابَ على مَن يأتي من الصين في تلك الأيام الغارقة في القدم ،
على الدوابّ ، حيث لا سيّارات ولا طائرات ولا طرقات ، ولمدّة عدّة أشهر ،
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 357