responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 356

 

إلى مراتب النهي عن المنكر وإلى مرتبة التـقوى هو أمْرٌ مطلوبٌ جداً ، ولكنْ لم يُوجِبْه الباري تعالى في هذه الموارد ، ولذلك قال جميع العلماء بأنّ الصلاة ونحوَها ليست واجبةً لواجب آخر ، ولذلك قالوا هي واجباتٌ نفسيّة ، لا سيّما وأنّ نفس العبادات هي حسنة ومطلوبة في نفسها ، كمعرفة الباري جلّ وعلا ، فإنها واجبةٌ لنفسها ، لا لغيرها .

فإن قيل : إن قلتَ إنّ الصلاة وسائرَ العبادات هي واجبة لنفسها لحُسنها الذاتي ، فنقول : كذلك الوضوء وتطهير البدن والثياب هي أيضاً أمور محبوبةٌ في نفسها ، فلِمَ قُلْتُم : الصلاةُ وسائر العبادات واجبةٌ بالوجوب النفسي ، ولَمْ تـقولوا : الطهارتان المعنويّة والماديّة محبوبتان بذاتهما ومطلوبتان بالطلب النفسي أيضاً ؟!

قلنا : الفرقُ بـينهما هو أنّ الملحوظ في أحدهما غيرُ الملحوظِ في الآخر .

بـيانُ ذلك : المسألةُ راجعة إلى نظر الشارع المقدّس أوّلاً ، وبالتبع إلى نظر العرف ، فإنْ نظرْنا إلى الطهارة في نفسها ـ كما يَنظر إليها الشارعُ المقدّس في بعض الأحيان كما ورد في الروايات عن الوضوء بأنه نور على نور ـ قلنا هي محبوبةٌ شرعاً ومطلوبةٌ في نفسها ، وإن نظرْنا إليها كمقدّمة لغيرها ـ كما هو نظَرُ آيةِ الوضوء ـ قلنا هي مقدّمة الواجب أو هي مقدّمة الصلاة . أمّا الصلاة والصيام فالعرف ينظر إليهما بحدّ ذاتهما ـ تَبَعاً لِنَظَرِ الباري عزّ وجلّ ـ لا بما أنهما مُوصِلان إلى العروج وإلى التـقوى ، فإنّ العرف يرى أنّ نفس عبادة الله بالصلاة والصيام والحجّ وغيرِها هي مطلوبةٌ في نفسها ، ولو نظروا إليها من جهة أنها مُوصِلةٌ إلى العروج والتـقوى لقالوا هي واجبات غيريّة ، ولكنهم لا ينظرون إليها من هذه الجهة ، وذلك تبعاً لنظرِ الشارعِ المقدّس ، فإنّ الشارع المقدّس لم يقل بأنّ العروج والتـقوى واجبان كوجوب الصلاة والصيام ـ كما قال في الوضوء ـ فإنّ جُلّ المؤمنين حينما يُصَلّون ويصومون ويحجّون لا يَصِلُون إلى المراتب العالية من العروج وامتلاك ملكة النهي عن الفحشاء والمنكر والتـقوى ، ولو لصعوبة تحصيل ذلك على الناس ، فأمَرَ اللهُ جلّ وعلا بالعبادات لأنها عِلَلٌ مُعِدَّةٌ ومُقَرِّّبَةٌ مِنَ الغايات المنشودة . ولك أن تـقول : العرفُ يَفهم من الأمر بالعبادات أنّ هناك غاياتٍ : دُنيا وقُصوَى وبـينهما مراتب ، أمّا الدنيا فأن يأتي الإنسان بالصلاة وغيرها من العبادات بشرطها وشروطها ، وأمّا القصوى فأن يَصِلَ إلى مراحل عالية من العروج والتـقوى ، ويَفهم العرفُ من الآيات والروايات مطلوبـيةَ نفسِ العبادات ولو بدرجتها الدنيا ، فهي إذن مطلوبةٌ في نفسها ، على الأقلّ على مستوى الدرجة الدُّنْيا .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست