responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 353

 

للإنـقاذ ـ طبعاً فيما لو انحصر إنـقاذ الغريق بالدخول في الأرض المغصوبة ـ سواءً ترتّب على ذلك أضرارٌ على صاحب الأرض أو لم يترتّب ؟ وهل يكون أكْلُ المَيتةِ حراماً جعلاً وفِعْلاً فيما إذا اضطُرّ الشخصُ لأكْلِها لإنـقاذ حياته ؟

الجواب : قد تـقول نعم ، بتقريب أن الحرمة جعْلاً وفِعْلاً هي نـتاج عقلي للمبغوضيّة التامّة ، فهي أشبه شيء بالجعل القهري التكويني ، خاصّةً على مسلك العدليّة من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد .

أقول : الصحيح هو عدم إمكان أن يجعل اللهُ تعالى القبـيحَ في حال الضرورة حراماً دائماً ـ أي على مستوى الجعل ـ وإنما يجب ـ عقلاً ـ أن يحصل في عالم المبادئ كسْرٌ وانكسار دائماً ، ثم تحصل النـتيجةُ ، ثم يشرِّعُ الباري جلّ وعلا الحكمَ على أساس النـتيجة ، والمفروضُ أنّ النـتيجة هنا هي لصالح عدم حرمة دخول الأرض المغصوبة ، مراعاةً للأهمّ الذي هو الإنـقاذ ، فيختصّ التحريمُ بغير حالات الضرورة ، لا ، بل بعد الكسر والإنكسار في عالم المبادئ يجب أن يكون التشريع هو وجوب الدخول إلى الأرض المغصوبة للإنـقاذ ، طبعاً كلامنا في حال انحصار طريق الإنـقاذ بدخول الأرض المغصوبة .

على أنه لا يمكن أن يشرّع اللهُ تعالى تحريمَ الدخول إلى الأرض المغصوبة قهراً عليه في حال الضرر أو الضرورة ، معاذَ الله ، وإنما يجب أن يكون التشريع اختيارياً ، وفي حال الإختيار لا يمكن أن يقول الله تعالى ـ بعد الكسر والإنكسار في مرحلة المبادئ ـ لا يمكن أن يقول ـ في مرحلة الجعْلِ ـ إنّ أكْل المـَيتةِ في حال الضرورةِ حرامٌ ، وذلك لأنه هو الذي أجاز ذلك بل أوجبه بعنوان ثانوي ، فكيف يحرّمُه في نفس الوقت ؟!

إذن ، الأفعال نوعان : فإمّا أن تكون مبغوضةً ذاتاً كأكْلِ المـَيتة ، وإمّا أن تكون مبغوضةً عرَضاً كدخول الأرض المغصوبة وتحطيم زرعها ، ففي الحالة الأولى تبقى المبغوضيّةُ الذاتية حتى في حال الضرورة ، ولكن مع ذلك قد يصير الفعل واجباً ـ رغم مبغوضيّتـه الذاتيّة ـ لكن بلحاظ ما يطرأ عليه من مَلاك معارِض ـ كما لو اضطُرّ إلى أكْلِ الميتة ليـبقَى على قيد الحياة ـ يصير واجباً ، ولا نـقول يصير محبوباً . وفي الحالة الثانية لا تبقى المبغوضيّة قائمة في حال الضرورة ، وإنما يَنظر الباري إلى مجموع المصالح والمفاسد فقد يحبّها ، كما فيما لو انحصر إنـقاذ الغريق بدخول أرض الغير ، ففي هكذا حالة يحب الله تعالى هذا الدخول ولا يكرهه ، إنما لأجل الإنـقاذ ، نعم ، النـتيجة في مرحلة الحكمِ واحدةٌ في كلا نوعَي الأفعال ، وهي أنّ الله يَحكم على أساس الأهمّ .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست