اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 352
مقابل الطيـبات ذاتاً ، وقال [ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّـباً ،وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ إِن
كُنـتمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَوَالدَّمَوَلَحْمَ الخِنزِيرِوَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍوَلاَعَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (115)] [299]فالظاهر من مجموع
الآيات أنّ الميتةَ هي مِنَ الخبائث ذاتاً .
المهم ، لو اضطُرّ إنسانٌ
لأكْلِ المَيتةِ لإنـقاذ حياته ، فسوف يكون أكْلُه للمَيتة مبغوضاً في ذاته ، حتى
ولو كان مضطرّاً إلى أكْلِها ، ومع ذلك على مستوى التـنجيز هو يفعل الواجبَ شرعاً
وعقلاً .
*ثم إنه من الواضح أنه إذا كان شرطُ
وجوب الحجّ هو الإستطاعة ، فح لا شكّ في أنّ الوجوب العقلي للسير إلى الحجّ سوف
يكون مشروطاً أيضاً بالإستطاعة ، وإذا كان الوجوبُ مطلقاً نحو
(تصدّقْ) فسوف يكون وجوبُ المقدّمة أيضاً مطلقاً ، وهذا مقتضى ترشّحِ وجوب
المقدّمة عن وجوب ذيها ومقتضَى معلولية وجوب المقدّمة لوجوب ذيها في الإطلاق
والإشتراط ، وهذه المسألة يعبّرون عنها بـ (تبعيّة وجوب المقدّمة لوجوب
ذيها في الإطلاق والإشتراط) .
* ثم اعلمْ أنه إذا كان ذو المقدّمة
عباديّاً فإنه يمكن أن ينوي الممتـثلُ نِـيّةَ التوصّل بالمقدّمة ليحوِّلَ
المقدّمةَ إلى عبادة حتى ولو كانت توصّليّةً بالأصل ، كما في الحجّ ، فبما أنه
عبادي فإنه يمكن أن يمشي الإنسان إليه مشياً على أقدامه لإظهار شدّة الإطاعة
والإمتـثال لله سبحانه وتعالى ، كما ورد في الروايات المستـفيضة من أنّ أئمّتـنا (علیهم السلام) كانوا يمشون على
أقدامهم إلى الحجّ مع كون دوابّهم تـقاد خلفهم أو أمامهم[300] ، ولا يمكن تـفسير هذا
إلاّ لزيادة إظهار الطاعة والثواب ، وهو يعني تحويلَها إلى عبادة ، وإلاّ فما معنى
العبادة غير امتـثال أوامر الله سبحانه بأمور محبوبةٍ إليه ، ولو بتحويلها إلى
محبوبةٍ إليه فنمتـثلها ليُحِبَّنا وليَتـقبَّلنا عنده ، وإلاّ لكان ذلك المشيُ لغواً
محضاً .
* حُكْمُ
المقدّمةِ المبغوضةِ للواجب الأهمّ
كان الكلام في الفقرة السابقة
في مرحلة الملاك ، وكلامُنا الآن هو في مرحلة الجعل والتشريع ـ أي الإعتبار المبرَز
ـ ،
والسؤال هنا هو : هل يكونُ هذا الدخولُ للأرض المغصوبة حراماً فِعْلاً رغم الدخول