اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 351
ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ ،وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يَعْلَمُونَ (30) ] [297] وكذلك الأمر بالنسبة
إلى اشتراط الصلاة بالطهارة ، فهو أمرٌ إخباري لا غير ، وهكذا الأمْرُ في كلّ
العبادات الشرعيّة .
*لكن متى تـتـّصف المقدّمةُ
بالوجوب ، هل قبل المقدّمة ، أم بَعدَ حصول الغاية ؟
الجواب : لا شكّ أنّه قبل
الإتيان بالمقدّمة يكون وجوبها من باب وجوب التهيُّؤ لامتـثال الواجب لا أكثر ،
وبعد حصول الغاية لا يحكم العقلُ بوجوبها إلاّ من باب الإخبار فقط . إذن وجوب
الإتيان بالمقدّمة لا يحكم به العقلُ إلاّ من باب وجوب التهيّؤ لا غير .
* تبعيّة
صفاتِ المقدّمة لصفات ذِيها
إعلمْ أنّ مقدّمة الواجب ـ بنحو
الغالب لا بنحو الإستغراق التامّ ـ محبوبةٌ غالباً وواجبةٌ دائماً ، فقد تكون بعض
أفراد هذا الجامع الكلّي مبغوضاً ، كما لو كان يسير إلى الحجّ في سيّارة مغصوبة ،
وكما لو اختار شخصٌ دخول أرضٍ غصباً لإنـقاذ الغريق مع وجود طريق آخر مباحٍ للناس
، فلا شكّ في كون الإنـقاذ واجباً عقلاً وشرعاً ، ورغم ذلك يكون دخول الأرضِ
مبغوضاً . نَعَم ، لو انحصر طريق الإنـقاذ بدخول الأرض المغصوبة لكان جائزاً
فِعْلاً ، بل واجباً عقلاً وشرعاً ، لكونه يرتكب السيِّئَ لِدَفْعِ الأسوأ ، ولذلك
إذا انحصر الإنـقاذ بهذا الفرد فهو لا يستحقّ العقابَ ، وإنما يُثِيـبه اللهُ جلّ
وعلا . نعم ، يجب ضمانُ ما تلف مِنَ الزرعِ بلا شكّ .
تـفصيل ذلك : لا شكّ أنّ هناك
بعضَ أمور منهيّاً عنها في الشرع ولكنها ليست مبغوضةً ذاتاً ، وإنما النهي عنها هو
لأجل حفظ النظام العام ونحو ذلك ، فمثلاً : دخولُ أرض الغَير غصباً على صاحبها ،
لأجل إنـقاذ الغريق غيرُ مبغوض ذاتاً ، سواءً ترتّب على ذلك ضررٌ على الأرض والزرع
أو لم يترتّب ، وذلك لأنّ الأرض والزرع وكلَّ شيء هو في الواقع لله تعالى ، وليست
للإنسان ، ولذلك لا يمكن أن يـبغِضَ اللهُ دخولَنا للأرض التي يملكها شخصٌ لئيمٌ لا يَرضى أن نَدخُلَها لإنـقاذ
إنسان محترم الدم ، وإنما ربُّنا تعالى يأمرنا بدخولها للأهمّ ، ولا يـبغِضُ ذلك
أصلاً بل يحبّ ذلك .
نعم ، هناك أمور لا شكّ قرآنياً
في أنها مبغوضةٌ
ذاتاً
، كأكْلِ الميتة ، فإنّ الميتةَ هي من الخبائث الواضحة ، قال الله تعالى [ وَيُحِلُّ
لَهُمُ الطَّيـباتِوَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ][298]فاعتبر الخبائثَ ذاتاً
في