responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 350

 

الوجوب الشرعي أو العقلي للوضوء من حيثُ هو مقدّمة للواجب ، فأقول : لا شكّ في أنّ الوضوء هو مقدّمة عقليّة لتحصيل الطهارة ، وأنّ آية [إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواوُجُوهَكُمْ ..][296] تدلّ على اشتراط الصلاة بالطهارة ، وعليه فالوضوء هو مقدّمة عقليّة للطهارة ، والطهارةُ هي مقدّمة عقليّة خارجيّة للصلاة ـ كالسير إلى الحجّّ ـ ، ولك أن تـقول أيضاً : الطهارة هي مقدّمةٌ شرعيّة خارجيّة للصلاة ، والتـقيّدُ بالطهارة هو شرط داخلٌ في الصلاة ـ كطهارة البدن واللباس واستـقبال القبلة ـ ، وإنما أرشدنا اللهُ إلى الوضوء ليقول لنا هذا هو الطريق لتحصيل الطهارة المعنويّة التي هي ـ أي التـقيّد بالطهارة ـ شرط داخل في الصلاة .

* مقدّمة الواجبِ عقليّةٌ دائماً

لعلّ الكلام السابقَ لَفَتَك إلى أنّ المقدّمة الخارجيّة يجب أن تكون عقليّة دائماً ، سواء كان عقليّة بحتة ـ كالسير إلى الحجّ ـ وقد تكون عقليّة مَنشؤها الشرعُ ـ كالوضوء ـ ، فإنّ الوضوء هو ـ كما قلنا ـ مقدّمةٌ عقليّة لتوقّف تحقّقِ الكَونِ على الطهارة عليه ، ولكنْ أصْلُ تشريعِ هذه المقدّمة هو مِن عند الشارع المقدّس . وبـبـيانٍ أحسن نقول : الإتيانُ بمقدّمات الحجّ للتهيّؤ للإتيان بنفس الحجّ هو أمرٌ عقليٌّ بالإجماع والتسالم ، ولكنْ تـفاصيلُ هذه المقدّمة يجب أن يُرجَعَ فيها إلى الخبراء ، فهُمُ الذين يُفَهِّمونك كيف تهيّئُ مقدّماتِ الحجّ لكي تصل إليه وترجع سالماً ، فيقولون مثلاً : إلتحق بقافلةٍ خبـيرة بذلك ، واعملْ جوازَ سفرٍ ، ولقِّحْ نفسَك باللقاحات المطلوبة عند الحكومة وو .. ، فتـفاصيلُ مقدّمات الحجّ إذن مرجعُها إلى الخبراء ، مع أنّ نفس هذه المقدّمات بنحو الإجمال ومع غضّ النظر عن التـفاصيل هي عقليّة ، كذلك الأمر تماماً بالنسبة إلى الوضوء ، فقد أرشدنا المولى تعالى إلى أنـنا إذا أردنا أن نكون على طهارة شرعيّة فعلينا أن نـتوضّأ بالطريقة الفلانية ، فصار علينا ـ بحكم العقل ـ إن أردنا أن نكون على طهارة أن نـتوضّأ ، لذلك نقول بأنّ الوضوء ـ بعد تشريع المولى تعالى له ـ صار مقدّمةً عقليّة لتحصيلِ الطهارة ، ويصحّ أن تـقول أيضاً : صار مقدّمةً متشرّعيةً لتحقيق الطهارة ، ولك أيضاً أن تـقول هو مقدّمة شرعيّة لتحصيل الطهارة ، وتعدّدُ هذه الصفات هو لتعدّد اللحاظات . وإنّ تشريع الوضوء بل كلّ الشرائع السماوية تـنسجم تماماً مع الفطرة البشرية ـ وليست شرائعُ الله أمراً غريـباً عن الطبـيعة البشرية تعبّدنا اللهُ بها ـ ، عرفنا ذلك من خلال آية [ فَأَقِمْوَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ، فِطْرَةَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ،


[296] المائدة ـ 6 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست