اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 327
لكنك تـقع في حرج أو ضرر ، ففي
هكذا حالة يسقط التكليفُ ، وقد يحرم ـ على تفصيل ذكرناه قبل قليل عند بحثـنا في قاعدة استحالة التكليف
بغير المقدور
، وهو استـثـناء الأمور المبنيّة على الضرر أو الحرج ـ .
ومرادُنا من (عدم الإشتغال) هو
أنه إنْ كان يشتغلُ بالأهمّ ـ كالإنـقاذ ـ فلا يجب عليه ـ عقلاً ـ الإشتغالُ
بالواجب المهمّ ـ كالصلاة ـ ، نعم يـبقى المهمُّ واجباً فِعليّاً عليه بمقتضى
تماميّة محبوبـيتِه فعلاً ، وعليه فلو فرضنا أنه ترك الأهمّ وفَعَلَ الصلاةَ ـ
مثلاً ـ لَوَقَعَت الصلاةُ صحيحةً وذلك لبقاء فِعليّة الأمر بالصلاة ولبقاء محبوبـية
الصلاة عقلاً وشرعاً ، بل بهذا يحكم العقلُ ، وتفصيلُ ذلك يظهرُ في البحث التالي
.
*****
مسألة الضدّ ونـظـريّـةُ الـتـرتّب
والسؤال هنا هو : هل
الأمْرُ بالشيء يقتضي النهيَ عن ضِدِّه أم لا ؟ ثم بالمناسبة نـتعرّض لنظريّة
الترتّب فنقول :
لا بدّ من التـفصيل في المقام ،
فالضدّ إمّا أن يكون ضدّاً عاماً وهو النقيض ـ والمتـناقضان هما الموجود وعدمُه ـ
وإمّا أن يكون الضدُّ ضدّاً خاصّاً ـ والمراد من الضدّين هنا هما الأمران
الوجوديّان المتزاحمان كالصلاة بالنسبة إلى الإنـقاذ ـ .
أمّا في النقيض :
فإنْ وجبتِ الصلاةُ حَرُمَ
نـقيضُها ـ أي ترْكُها ـ لكنْ بالحرمة العقليّة ، وهو ما يعبَّر عنه بالممنوعيّة[275] ، لا بالحرمة الشرعيّة
المستـقلّة ، يعني لا أنّ نفس (ترك الصلاة) صار مبغوضاً وحراماً ، فليس ترك الواجب
مبغوضاً شرعاً ، وإنما فِعْلُ الواجبِ حَسَنٌ ، وفرقٌ بـينهما . وبتعبـيرٍ آخر : حين يوجب الباري
تعالى الصلاةَ مثلاً فإنه لا يَفْعَلُ تشريعين : (وجوب الصلاة) و (حرمةَ تركها) ،
فإنه لغو محض ، وإنما يُشَرِّع تشريعاً واحداً بسيطاً وهو الوجوب فقط ، وحينما
يشرّع حرمةَ شرْبِ الخمر فإنه لا يشرّع تشريعين : (حرمة شرب الخمر) و (وجوب تركه)
، فإنه ـ كما قلنا ـ لغو محض . نعم ، يَحكم العقلُ بممنوعيّة ترك الصلاة ، لأنَّ
ترْكها يكون معصيةً لله سبحانه وتعالى ، لا لأنّ في تركها مبغوضيّةً شرعيّة ،
وإلاّ لقال المولى تعالى (يحرم ترك الصلاة) وهذا لا يصحّ . وكذا في شرب الخمر ،
فحينما
[275]
تميـيزاً له عن الحرمة الشرعيّة ، فإذا قلنا ممنوع أي عقلاً ، وإذا قلنا حرام أي
شرعاً .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 327