اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 326
خصوص الأفراد الممكنة ، هذا على
مستوى الدلالة ، وكذا الأمرُ على مستوى الثبوت ، فإنه لن يتصوّر المولى الحكيمُ ـ
أي في مرحلة التصوّر ـ الخبزَ الموجود في بلد بعيد فيأمرُ بشرائه ، كما لا يمكن أن
يتصوّر كلَّ العلماءِ ـ بما فيهم البعيدون الذين لا يَصِلُ إليهم المأمورُ عادةً ـ
فيريد شمولَهم في متعلّق الحكم .
لكن هذا البحث لا فائدة منه ،
لأنّ كلامنا هو على مستوى الباري عزّ وجلّ ، لا على مستوى الموالي العاديـين ،
والمولى تعالى يعرف أنّ الحصّة الغير مقدورة الآن هل سوف تصير مقدورةً عند
الإمتـثال أو لن تصير مقدورةً ، فإذا كان يعلم أنها سوف تصير مقدورةً فحينـئذ إن
امتـثلها المأمورُ فإنها سوف تـقع مجزيةً بالبداهة ، وحتى على مستوى الموالي
العاديـين ، لو فرضنا أنّ الحصّةَ التي لم تكن مقدورةً حين الأمر صارت ممكنةً
صدفةً وامتـثلها المأمورُ فهي مجزيةٌ قطعاً ، لأنّ المطلوب عند المولى العادي هي
الطبـيعة ، وقد امتـثلها المأمورُ ، أي أنّ الغاية قد تحقّقت عنده .
*****
شرطيّة القدرة بالمعنى الأعمّ
المراد بالقدرة بالمعنى الأعمّ
هي القدرة الأعمّ من القدرة العقليّة ، أي القدرة العقليّة والعاديّة والشرعيّة ،
فقد عرفتَ اشتراطَ القدرةِ في التكليف ، عقلاً وشرعاً .
أمّا القدرةُ
العقليّة
فهي بعكس الإستحالة العقليّة ، والإستحالةُ العقليّة هي من قبـيل الجمع بين النقيضين
في وقت واحد وزمان واحد ، ومن قبـيل الجمع بين إنقاذ غريقين في نفس الوقت إن كان
الجمع بـينهما مستحيلاً ، ولذلك يُشترَط في التكليف القدرةُ عليه عقلاً ، فلو كان
المكلّفُ عاجزاً عن الجمع بين الإنقاذين أو بين الصلاة والإنقاذ فلا يمكن تـنجيزُ
كلا الحُكْمَين عليه ، لذلك قال علماؤنا باشتراط عدم وجود مزاحِم للمكلَّف به في
مرحلة الإمتـثال . وقد أدخلْنا التزاحمَ في العجز العقلي لأنّ المفروض أنه لا يمكن الجمعُ
عقلاً ، وقد يعبَّرُ عن
القدرة العقليّة هنا بـ (عدم الإشتغال بالضدّ) ، وذلك لأنّ نظر العلماءِ في هذا
البحث هو إلى (عدم الإبتلاء بالضدّ) .
والقدرةُ العاديّة هي بعكس العجز العادي
كالطيران في السماء ، فإنّ الطيران في السماء ممكن عقلاً ، لكنه مستحيل لنا عادةً
إلاّ بوسائل .
وأمّا القدرةُ الشرعية فهي القدرة الشرعيّة
على أداء التكليف كالإستطاعة إلى الحجّ وسلامة البدن في مورد الصيام ، ويعاكسها
العجزُ الشرعي ، فمثلاً : أنت غير قادر شرعاً على شرب الخمر والكلام أثـناء الصلاة
... مع أنك قادر عقلاً وعادةً . وقد تكون قادراً عقلاً وشرعاً على فعلٍ ما ،
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 326